واكواناً زائلة متعاقبة ويبدلها بكل حكمة على وجه الأرض والـســموات، ناشراً ومعــلقاً على مــسار الزمن عــوالم منتظمة بعدد العصور والسنين بل بعدد الأيام، فيُري بها عظمة قدرته جلّ وعلا، وهو الذي زيّن بستان الربيع العظيم الواسع بمئات الآلاف من نقوش الحشر يتوّج بها هامة الكرة الأرضية كأنها زهرة واحدة، فيظهر لنا جمال صنعته وكمال حكمته، فهل يمكن أن يجرأ أحد ليقول لهذا القدير ذي الجلال: كيف يحدث القيامة؟ أو كيف يبدّل هذه الدنيا بآخرة؟ فالآية الكريمة ﴿ما خَلقُكُم ولا بَعثُكم إلاّ كَنَفْسٍ واحدة﴾(لقمان: 28) تعلن أن هذا القدير جل وعلا لا يصعب عليه شئ، فكل شئ اعظمهُ وأصغره يسير عنده، والجموع الهائلة بأعدادها غير المتناهية كفرد واحد عنده..
وقد أوضحنا حقيقة هذه الآية في خاتمة (الكلمة العاشرة) مجملةً وفي رسالة (نقطة من نور معرفة الله) و (المكتوب العشرين)، أما هنا فسنوضحها بايجاز في ثلاث مسائل:
ان القدرة الإلهية ذاتية؛ فلا يمكن ان يتخللها العجز..
وأنها تتعلّق بملكوتية الأشياء، فلا تتداخل الموانع فيها مطلقاً..
وان نسبتها قانونية؛ فالجزء يتساوى مع الكل والجزئي يصبح بحكم الكلّي..
وسنثبت ونوضح هذه المسائل الثلاث:
المسألة الأولى: ان القدرة الإلهية الإزلية ضرورية للذات الجليلة المقدسة.
أي أنها بالضرورة لازمة للذات المقدسة، فلا يمكن ان يكون للقدرة منها فكاك مطلقاً، لذا فمن البديهي ان العجز الذي هو ضد القدرة لا يمكن أن يعرض للذات الجليلة التي استلزمت القدرة، لأنه عندئذ سيجتمع الضدان، وهذا محال.
فما دام العجز لا يمكن أن يكون عارضاً للذات، فمن البديهي انه لا يمكن ان يتخلل القدرة اللازمة للذات أيضاً ومادام العجز لا يمكنه ان يدخل في القدرة مطلقاً فبديهي اذن ان القدرة الذاتية ليست فيها