فهل من الممكن ان الرب الرحيم ذا القدرة المطلقة والحكمة المحيطة ألاّ يُنشئ (النشأة الأخرى)؟ او يعجز عنها؟ وهو الذي له مُلك السموات والأرض وهنّ مطويات بيمينه من الذرات الى المجرات ويديرها جميعاً ضمن نظام محكم وميزان دقيق... فسبحان الله عما يصفون.
لذلك فان كثيراً من آيات القرآن الكريم تُلفت نظر الأنسان الى (النشأة الأولى) الحكيمة كمَثَل قياسي (للنشأة الأخرى) في الحشر والقيامة، وذلك كي تستبعد انكارها من ذهن الانسان فتقول ﴿قل يُحييها الذي أنشاَها أولَ مرّة﴾ أي أن الذي أنشأكم - ولم تكونوا شيئاً يذكر - على هذه الصورة الحكيمة هو الذي يحييكم في الآخرة.
وتقول: ﴿وهوَ الذي يَبدَؤا الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَهوَ اهونُ عليه...﴾(الروم:27) أي أن اعادتكم وأحياءكم في الآخرة هي أسهل من خلقكم في الدنيا، اذ كما أن الجنود اذا ما انتشروا وتفرّقوا للاستراحة، يمكن ارجاعهم الى أماكنهم تحت راية الفرقة بنفخة من البوق العسكري، فجمعهم هكذا من الاستراحة في مكان معين أسهل بكثير من تكوين فرقة جديدة من الجنود، كذلك فان الذرات الأساس التي استأنست وارتبط بعضها بالبعض الآخر بأمتزاجها في جسم معين عندما ينفخ اسرافيل عليه السّلام في صُورِهِ نفخة واحدة تهبّ قائلة: لبيّك لأمر الخالق العظيم، وتجتمع. فاجتماعها بعضها مع البعض الآخر مرة أخرى لا ريب أسهل وأهون - عقلاً - من ايجاد تلك الذرات أول مرّةً.
هذا وقد لا يكون ضرورياً اجتماع جميع الذرات، وانما تكفي الذرات الأساس التي هي بمثابة البذور والنوى للأجسام.كما عبّر