الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 717
(688-734)

التمثيلي. وأن ﴿وَمَا رَبُّكَ بظَلاّمٍ لِلْعَبيدِ﴾(فصلت:46) نموذج آخر يشير الى دليل العدالة في الكون، وآيات كثيرة أخرى قد وضحت فيها نظارات (مراصد) ذات عدسات مكبرة كثيرة كى تنظر بامعان من خلالها الى السعادة الأبدية في الحشر الجسماني. وقد اوضحنا في رسالة (النقطة) القياس التمثيلي الموجود في الآيتين الأوليين مع سائر الآيات الأخرى وخلاصته:
ان الانسان كلما انتقل من طور الى طور مرّ بانقلابات منتظمة عجيبة، فمن النطفة الى العلقة ومن العلقة الى المضغة ومن المضغة الى العظم ثم اللحم، ومن ثم الى خلق جديد، أي ان انقلابه الى صورة انسان يتبع دساتير دقيقة، فكل طور منها له من القوانين الخاصة والانظمة المعينة والحركات المطردة بحيث يشف عما تحته من أنوار القصد والارادة والأختيار والحكمة.
وعلى الطريقة نفسها فان الخالق الحكيم يُبدّل هذا الجسد سنوياً كتبديل الثياب، فيكون هذا الجسد بحاجة الى تركيب جديد كي يتبدّل ويبقى حيّاً، وبحاجة الى إحلال ذرات فعّالة جديدة محل ما انحلّت من الأجزاء؛ لذا فكما أن الجسد تنهدم حجيراته بقانون إلهي منتظم، كذلك يحتاج الى مادة لطيفة بأسم (الرزق) كي يعمر من جديد بقانون إلهي ربّاني دقيق.. فالرزّاق الحقيقي يوزع ويقسم - بقانون خاص - لكل عضو من أعضاء الجسد المختلفة - وبنسبة معينة - ما يحتاجه من المواد المتباينة.
والآن انظر الى أطوار تلك المادة اللطيفة المرسلة من قبل الرزاق الحكيم تَرَ: ان ذرّات تلك المادة هي كقافلة منتشرة في الغلاف الجوّي.. في الأرض.. في الماء.. فبينما هي مبعثرة هنا وهناك، اذا بها تُستنفر فتتجمع بكيفية خاصة، وكأن كل ذرة منها هي مسؤولة عن وظيفة أرسلت الى مكان معيّن بواجب رسمي، فتجتمع مع بعضها في غاية الانتظام، مما يوحي بأنها حركة مقصودة، فسلوكها هذا يبيّن:
ان فاعلاً ذا ارادة يسوق تلك الذرات - بقانونه الخاص - من عالم

لايوجد صوت