هذا المبحث عبارة عن اشارة بسيطة الى ما في حركات الذرات من وظائف وحكَم.
ان الماديين الذين انحدرت عقولُهم الى عيونهم، فلا يرون إلاّ المادة، يرون بحكمتهم الخالية من الحكمة وبفلسفتهم المبنية على اساس العبث في الوجود:
ان تحولات الذرات مربوطة بالمصادفة. حتى اتخذوها قاعدة مقررة لدساتيرهم كلها، جاعلين منها مصدر ايجادٍ للمخلوقات الربانية!
فالذي يملك ذرة من الشعور يعلم يقيناً مدى بُعدهم عن منطق العقل، في اسنادهم هذه المخلوقات المزدانة بحِكَمٍ غزيرة، الى شئ مختلط عشوائي لا حكمة فيه ولا معنى.
أما المنظور القرآني وحكمته، فانه يرى ان تحولات الذرات لها حِكَمٌ كثيرة جداً وغايات لا تحصى ووظائف لاتحد، تشير اليها الآية الكريمة ﴿وإن من شيءٍ إلاّ يُسبّح بحَمده﴾ وامثالها من الآيات الكثيرة.
ونحن هنا نشير الى بضعٍ منها فقط، على سبيل المثال:
اولاها:
ان الله سبحانه وتعالى، لأجل تجديد تجليات الايجاد في الوجود، يحرّك الذرات ويسخّرها بقدرته، جاعلاً من كل روحٍ واحدة (نموذجاً)، يُلبسها جسداً جديداً من معجزات قدرته في كل سنة، ويستنسخ من كل كتاب فرد بحكمته التامة آلاف الكتب المتنوعة، ويُظهر حقيقةً واحدة في انماط مختلفة وصور شتى، ويفسح المجال ويعدّ المكان لورود أكوان جديدة وعوالم جديدة وموجودات جديدة، طائفة إثر طائفة.
ثانيتها:
ان مالك الملك ذا الجلال، قد خلق هذه الدنيا ـ ولا سيما وجه الارض ـ على هيئة مزرعة واسعة، أي مهّدها لتكون قابلة لنمو