الكلمات | الكلمة الثانية والثلاثون | 827
(819-832)

والسنين ثم تنزعها عنها بنظام تام وتنشرها على حبل الزمان الماضي، ومن بعد ذلك تخيط ما تخلع عليها من حلل زاهرة بنقوشها وتفصّل تصاميمها في دائرة القدر.. وكذا ان كنت مالكاً ليد معنوية ذات قدرة وحكمة بحيث تمتد الى كل شئ ابتداءً من خلق الارض الى دمارها، بل من الازل الى الأبد، فتجدد وتبدّل أفراد لحمة بساطي هذا وسداه.. وكذا ان كنت تستطيع أن تقبض على زمام الارض التي تلبسنا وتكتسي بنا وتتستر.. نعم إن كنت هكذا فادعّ الربوبية عليّ.. والاّ فاخرج مذموماً مدحوراً من الارض. فليس لك مقام هنا؛ اذ فينا من تجليات الوحدانية وأختام الأحدية بحيث مَن لم يكن جميع الكائنات في قبضة تصرفه ولم ير جميع الاشياء بجميع شؤونها دفعة واحدة، ولم يستطع أن يعمل اموراً لا تحد في آن واحد، ولم يكن حاضراً ورقيباً في كل مكان ومنزّهاً عن المكان والزمان.. لا يتمكن أن يكون مالكاً لنا ابداً، بل لا يمكن أن يتدخل في امورنا مطلقاً. اي من لم يكن مالكاً لقدرة مطلقة وحكمة مطلقة وعلم مطلق، لا يمكن أن يتحكم فينا ويدّعي المالكية علينا.
وهكذا يذهب المدّعى مخاطباً نفسه: لأذهب الى الكرة الارضية علني استغفلها وأجد فيها موضعاً.. فتوجه اليها قائلاً لها(1) باسم الاسباب وبلسان الطبيعة مرة اخرى:
- ان دورانك هكذا دون قصد يشف عن انك سائبة دون مالك. ولهذا يمكن ان تكوني طوع أمري!
فردت عليه الارض بصيحة كالصاعقة منكرة دعواه بلسان الحق والحقيقة المضمرة فيها: 
(1) الحاصل: ان الذرة تحيل ذلك المدّعي الى الكرية الحمراء، وهذه تحيله الى الخلية، وهذه الى الجسم، والجسم يحيله الى النوع الانساني، والنوع الى الحلّة المنسوجة من الاحياء التي يلبسها سطح الارض، وتحيله حلّة سطح الارض الى الارض نفسها، وهذه الى الشمس، والشمس الى النجوم.. وهكذا يقول كل منها: انصرف عنّا.. فلو استطعت ان تسيطر على من هو فوقي فحاول السيطرة عليّ، والا فانت عاجز عن التحكم عليّ. فاذن من لم ينفذ امره على النجوم كافة لا يمكنه ان ينفذه على ذرة واحدة – المؤلف.

لايوجد صوت