الكلمات | الكلمة الثانية والثلاثون | 828
(819-832)

- لا تهذر ايها الاحمق الابله!. كيف اكون هملاً بلا مالك ومولى! فهل رايت في ثوبي الذي البسه خيطاً واحداً فقط نشازاً بغير حكمة ومن دون اتقان! حتى تزعم ان حبلى على غاربي وانني بلا مولى ولا مالك؟ انظر فحسب الى حركاتي، ومنها حركتى السنوية(2) التي اسير فيها مسافة خمس وعشرين الف سنة في سنة واحدة فقط، منجزة وظائفي الملقاة عليّ بكمال الميزان والحكمة.. فان كانت لديك حكمة مطلقة وقدرة مطلـقة فتسيـّر وتجري معي رفقائي من السيارات العشر من امثالي في افلاكها العظمى، وتخلق الشمس المنيرة التي هي قائدنا وامامنا والتي تربطنا واياها جاذبة الرحمة فتديرنا وتجري بنا انا والسيارات جميعاً حول الشمس بنظام تام وحكمة كاملة. نعم ايها المدعّي ان كانت لديك قدرة مطلقة وحكمة مطلقة على ادارة هذه الامور الجسام وتدبيرها فادّع بدعواك. والاّ فاترك هذا الهذيان المفرط، وسحقاً لك في جهنم وبئس المصير، فلا تشغلني عن مهماتي العظيمة. اذ إن ما فينا من الانتظام الرائع والتناسق المهيب والتسخير الحكيم يدل بوضوح على ان جميع الموجودات من الذرات الى النجوم والى الشموس طوع أمر صانعنا ومسخّرة له. اذ مثلما ينظم الشجرة بسهولة ويزّين ثمراتها فانه بالسهولة نفسها ينظم الشمس بسياراتها. فهو الحكيم ذو الجلال والحاكم المطلق ذو الكمال.
ثم يتوجه ذلك المدعي الى الشمس بعد أن لم يجد له موضع قدم في الارض فحاورنفسه قائلاً: إن هذه الشمس شئ عظيم، لعلّي أجد فيها ثغرة أمرر فيها دعواي واسخّر بدوري الارض كذلك.
فقال للشمس بلسان الشرك وأضاليل الفلسفة الشيطانية، وكما يقوله المجوس:
- انت يا شمس سلطانة العالم، وانت حتماً مالكة لنفسك، وتتصرفين في العالم كيف تشائين. 
(2) اذا كان نصف قطر دائرة مائة وثمانين مليون كيلومتراً، فتلك الدائرة تكون بمسافة خمس وعشرين ألف سنة تقريباً.ــ المؤلف.

لايوجد صوت