الكلمات | الكلمة الثانية والثلاثون | 829
(819-832)

وعلى الفور اجابته الشمس بلسان الحق والحقيقة:
- كلا والف مرة كلا.. بل لست الاّ مأمورة مطيعة مسخرة بوظيفة تنوير مستضاف سيدي. فلست مالكة لنفسي ابداً بل لست مالكة حتى لجناح ذبابة ملكاً حقيقياً، لأن في جسم الذباب من الجواهر المعنوية النفيسة، كالعين والاذن ومن بدائع الصنعة، ما لا املكه قط وما هو خارج عن طوقي. وهكذا يوبّخ المدّعي.
فينبرى ذلك المدّعي قائلا بلسان الفلسفة المتغطرسة المتفرعنة:
- ما دمت لست مالكة لنفسك، بل خادمة، فاذن انت مملوكة لي وتحت تصرفي باسم الاسباب.
فردت عليه الشمس رداً قوياً باسم الحق والحقيقة وبلسان العبودية قائلة:
- انما انا اكون مملوكة لمن خلق نجوماً عالية من امثالي، واسكنَها في سمائه بكمال حكمة، وأدارها بكمال هيبة، وزيّنها بكمال زينة.
ثم ان ذلك المدّعي بدأ يحدّث نفسه: ان النجوم مختلطة مزدحمة، وهي مشتتة متباعدة بعضها عن بعض، فلعلي أجد منها موضعاً باسم موكلي فاظفر منها بشئ.. فيدخل بين النجوم.
فقال لها كما يقول الصابئة عباد النجوم باسم الاسباب وفي سبيل شركائه وبلسان الفلسفة الطاغية:
ـ ايتها النجوم! ان حكاماً كثيرين يتحكمون فيكم لشدة تشتتكم وتبعثركم.
فاجابته نجمة واحدة نيابة عن النجوم: ما اشد بلاهتك ايها المدعي الاحمق.ألا ترى علامة التوحيد وطغراء الاحدية على وجوهنا، ألا تفهمها؟. ألا تعلم انظمتنا الراقية وقوانين عبوديتنا الصارمة؟ اتظننا بلا نظام؟
فنحن مخلوقون عبيداً لواحد أحد يمسك في قبضته امورنا وامور السموات التي هي بحرنا والكائنات التي هي شجرتنا وفضاء العالم

لايوجد صوت