الكلمات | الموقف الثاني | 853
(837-866)

لسان المقال، وأبرز فيها الشخص المعنوي في صورة شخص مادي وذلك لأجل افهام العامة.
المقصد الثالث
ان داعية اهل الضلالة، بعدما أخذ الجواب القاطع المقنع الملزم، عن سؤاله الثاني(1) يسأل هذا السؤال، وهو الثالث فيقول:
 ان في القرآن:(احسن الخالقين) (ارحم الراحمين) وامثالهما من الكلمات القرآنية التي تُشعر بوجود خالقين وراحمين آخرين.
ثم انكم تقولون: ان رب العالمين له كمال لا منتهى له، فهو جامع لأقصى نهاية مراتب انواع الكمالات كلها، بينما كمالات الاشياء تعرف باضدادها؛ اذ لولا الالم لما كانت اللذة كمالاً، ولولا الظلام لما تحقق الضياء، ولولا الفراق لما اورث الوصال لذة، وهكذا؟
الجواب: نجيب عن الشق الاول من السؤال بخمس اشارات:
الاشارة الاولى:
ان القرآن الكريم يبين التوحيد من اوله الى آخره، ويثبته اثباتاً قاطعاً، وهذا بحد ذاته دليل على أن تلك الانواع من الكلمات القرآنية ليست كما تفهمونها. بل قوله تعالى (احسن الخالقين) يعني: هو في احسن مراتب الخالقية، فليس له اية دلالة على وجود خالق آخر، اذ الخالقية لها مراتب كثيرة كسائر الصفات فقوله تعالى (احسن الخالقين) يعني: ان الخالق الجليل هو في احسن مراتب الخالقية واقصى منتهاها.
الاشارة الثانية:
ان(احسن الخالقين) وامثالها من التعابير القرآنية لا تنظر الى تعدد الخالقين بل تنظر الى انواع المخلوقية. اي ان الخالق الذي يخلق كل شئ، يخلقه بأفضل طراز واجمل مرتبة. وقد بيّن هذا المعنى قوله

(1) المقصود السؤال الوارد في بداية المقصد الثاني، وليس هذا السؤال الذي هو في نهاية الخاتمة. - المؤلف.

لايوجد صوت