تعالى ﴿احسن كل شئ خَلَقه﴾ وامثاله من الآيات الكريمة.
الاشارة الثالثة:
ان الموازنة الموجودة في التعابير القرآنية: (احسن الخالقين) (الله اكبر) (خير الفاصلين) (خير المحسنين) وامثالها، ليست موازنة وتفضيلاً بين صفات واقعية لله سبحانه وتعالى، والمالكين لنماذج تلك الصفات والافعال، لأن جميع الكمالات الموجودة في الكون قاطبة في الجن والانس والملك، ظلٌ ضعيف بالنسبة لكماله جل وعلا، فكيف يمكن عقد موازنة بينهما؟ وانما الموازنة هي بالنسبة لنظر الناس ولاسيما لأهل الغفلة.
نورد مثالاً للتوضيح:
جندي يقدم اتم الولاء والطاعة لعريفه في الجيش، ويرى الحسنات والخيرات منه، وقد لا يخطر بباله، السلطان الاّ نادراً، بل لو خطر بباله، فإنه يقدم امتنانه وشكره ايضاً الى العريف، فيقال لمثل هذا الجندي: ان السلطان اكبر من عريفك، فقدّم شكرك اليه وحده. فهذا الكلام ليس موازنة بين القيادة المهيبة للسلطان في الواقع، وقيادة العريف الجزئية الصورية، لأن موازنة كهذه، وتفضيلاً من هذا النوع لا معنى لهما اصلاً. وانما الموازنة معقودة حسب ما لدى الجندي من اهمية وارتباط بعريفه، بحيث يفضّله على غيره، فيقدم شكره وثناءه اليه، ويحبه وحده.
ومثل هذا، فالاسباب الظاهرية التي هي في وهم اهل الغفلة في حكم خالقٍ، ومنعمٍ، والتي تكون حجاباً دون المنعم الحقيقي، اذ يتشبثون بها ويرون ورود النعمة والاحسان من تلك الحجب والاسباب، فيقدمون ثناءهم ومدحهم اليها. يقول القرآن الكريم لهم: الله اكبر. أحسن الخالقين. خير المحسنين. أي توجهوا اليه واشكروه.
الاشارة الرابعة:
تعقد الموازنة والتفضيل بين الموجودات الحقيقية مثلما تعقد بين الاشياء الفرضية والامكانية. ثم ان اكثر ماهيات الاشياء فيها مراتب