الكلمات | الموقف الثالث | 877
(867-904)

مراتب نبوغكم وأنفذ خطط دهائكم شيئاً أمام هذا السقوط المخيف المريع للانسان؟ وهل يستطيع الصمود حيال هذا اليأس المدمّر للروح البشرية التواقة الى السلوان؟ وهل يقدر ما تطلقون من (طبيعة) لكم، وما تسندون اليه الآثار الإلهية من (أسباب) عندكم، وما تنسبون اليه الاحسانات الربانية من (شريك) لديكم، وما تتباهون به من (كشوفاتكم) وما تعتزون به من (قومكم)، وما تـعـبـدون مـن (معبودكم) الباطل.. هل يستطيع كل أولئك من انقاذكم من ظلمات الموت الذي هو أعدام أبدي لديكم؟ وهل يستطيع كل أولئك من امراركم من حدود القبر بسلامة، ومن تخوم البرزخ بأمان، ومن ميدان الحشر باطمئنان، ويتمكن أن يعينكم على عبور جسر الصراط بحكمة، ويجعلكم أهلاً للسعادة الابدية والحياة الخالدة؟.
انكم لا محالة ماضون في هذا الطريق، اذ ليس بمقدوركم أن توصدوا باب القبر دون أحد. فأنتم مسافرو هذا الطريق لا مناص. ولابد لمن يمضي في هذا الطريق من ان يستند ويتكل على مَن له علم محيط شامل بكل دروبه وشعابه وحدوده الشاسعة، بل تكون جميع تلك الدوائر العظيمة تحت تصرفه وضمن أمره وحكمه.
فيا أيها الضالون الغافلون!
أن ما أودع في فطرتكم من استعداد المحبة والمعرفة، ومن وسائط الشكر ووسائل العبادة التي يلزم أن تبذل الى ذات الله تبارك وتعالى، وينبغي أن تتوجه الى صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى، قد بذلتموها - بذلاً غير مشروع - لأنفسكم وللدنيا، فتعانون مستحقين عقابَها، وذلك بسر القاعدة (ان نتيجة محبة غير مشروعة مقاساة عذاب أليمٍ بلا رحمة). لأنكم وهبتم انفسكم المحبة التي تخص الله سبحانه وتعالى، فتعانون بلايا محبوبتكم التي لا تعد اذ لم تمنحوها راحتها الحقيقة.. وكذا لا تسلمون أمرَها بالتوكل الى المحبوب الحق وهو الله القدير المطلق، فتقاسون الألم دائماً.. وكذا فقد أوليتم الدنيا المحبة التي تعود الى اسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة المقدسة،

لايوجد صوت