ووزعتم آثار صنعته البديعة وقسمتموها بين الاسباب المادية، فتذوقون وبال عملكم؛ لأن قسماً من أحبائكم الكثيرين يغادرونكم مُدبرين دون توديع، ومنهم مَن لا يعرفونكم أصلاً، وحتى اذا عرفوكم لا يحبونكم، وحتى اذا أحبوكم لا ينفعونكم، فتظلون في عذاب مقيم من أعذبة فراقٍ لا حد له ومن آلام زوال يائس من العودة.
فهذه هي حقيقة ما يدعيه أهل الضلالة، وماهية ما يدعون اليه من (سعادة الحياة) و (كمال الانسان) و (محاسن الحضارة) و (لذة التحرر)!!
ألا ما أكثف حجاب السفاهة والسكُر الذي يخدّر الشعور والاحساس!
ألا قل: تباً لعقل أولئك الضالين!.
أما الصراط المستقيم أو الجادة المنورة للقرآن الكريم، فانه يداوي جميع تلك الجروح التي يعاني منها أهل الضلالةويضمدها بالحقائق الايمانية، ويبدد كل تلك الظلمات السابقة في ذلك الطريق، ويسد جميع ابواب الضلالة والهلاك، بالآتي:
انه يداوي ضعفَ الانسان، وعجزه، وفقره، واحتياجَه بالتوكل على القدير الرحيم، مُسلّماً أثقال الحياة وأعباء الوجود الى قدرته سبحانه والى رحمته الواسعة دون أن يحملها على كاهل الانسان، بل يجعله مالكاً لزمام نفسه وحياته، واجداً له بذلك مقاماً مريحاً، ويعرّفه بأنه ليس بحيوانٍ ناطق، بل هو انسان بحق وضيف عزيز مكرم عند الملك الرحمن.
ويداوي أيضاً تلك الجروح الانسانية الناشئة من فناء الدنيا وزوال الاشياء، ومن حب الفانيات، يداويها بلطف وحنان باظهاره الدنيا دار ضيافة الرحمن ومبيناً أن ما فيها من الموجودات هي مرايا الاسماء الحسنى، وموضحاً أن مصنوعاتها رسائل ربانية تتجدد كل حين باذن ربها، فينقذ الانسان من قبضة ظلمات الاوهام.