الكلمات | الموقف الثالث | 880
(867-904)

ومولاها عليم، وأنت لستَ الاّ ضيفاً لديه، فلا تتدخل بفضولٍ في الامور، ولا تخلطها من غير فهم.
ثم ان الانسان والحيوان ليسوا موجودات مهملة، بل موظفون مأمورون تحت هيمنة حكيم رحيم وتحت اشرافه. فلا تجرّع روحَك ألماً بالتفكر في مشاق أولئك وآلامهم ولا تقدّم رأفتك عليهم بين يدي رحمة خالقهم الرحيم.
ثم أن زمام أولئك الذين اتخذوا طور العداء معك ابتداء من الميكروبات الى الطاعون والطوفان والقحط والزلازل، بل زمام كل شئ بيد ذلك الرحيم الكريم سبحانه، فهو حكيم لا يصدر منه عبث، وهو رحيم واسع الرحمة، فكل ما يعمله فيه اثر من لطف ورأفة.
ويقول أيضاً:
أن هذا العالم مع أنه فانٍ فانه يهيئ لوازم العالم الابدي.. ومع أنه زائل ومؤقت الا أنه يؤتي ثمرات باقية، ويظهر تجليات رائعة من تجليات الاسماء الحسنى الخالدة.. ومع ان لذائذه قليلة وآلامه كثيرة، الا أن لطائف الرحمن الرحيم وتكرمه وتفضله هي بذاتها لذات حقيقية لا تزول، أما الآلام فهي الاخرى تولد لذّات معنوية من جهة الثواب الاُخروي. فما دامت الدائرة المشروعة كافية ليأخذ كل من الروح والقلب والنفس لذّاتهــا ونــشــواتها جميعاً، فــلا داعــي اذن أن تـلــج في الدائرة غير المشروعة، لأن لذة واحدة من هذه الدائرة قد يكون لها ألف ألم وألم، فضلاً عن أنها سبب الحرمان من لذة تكريم الرحمن الكريم، تلك اللذة الخالصة الزكية الدائمة الخالدة.
هكذا تبين مما سبق بأن طريق الضلالة يردي الانسان الى أسفل سافلين، الى حد تعجز أية مدنية كانت وأية فلسفة كانت عن ايجاد حل له، بل يعجز الرقي البشري وما بلغه من مراتب العلم عن اخراجه من تلك الظلمات السحيقة التي في الضلالة.
بينما القرآن الكريم يأخذ بيد الانسان - بالايمان والعمل الصالح - ويرفعه من أسفل سافلين الى أعلى عليين، ويبين له الدلائل القاطعة

لايوجد صوت