الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 906
(905-964)

غـايـات ومـا يرجـى منه من نتائج. ثم يبدأ بتقسيمه وتفصيله بما لديه من مهارة وابداع الى أقسام ودوائر وحجرات، ثم نراه ينظم تلك الحجرات ويزيّنها بروائع النقوش الجميلة، ثم ينوّر كل ركن من أركان القصر بمصابيح كهربائية عظيمة، ثم لأجل تجديد إحسانه واظهار مهارته نراه يجدد ما فيه من الاشياء ويبدّلها ويحوّلها. ثم يربط بكل حجرة من الحجرات هاتفاً خاصاً يتصل بمقامه، ويفتح من كلٍ منها نافذةً يُرى منها مقامه الرفيع.
وعلى غرار هذا المثال (ولله المثل الأعلى) فالصانع الجليل - الذي له ألف اسم واسم من الأسماء الحسنى - أمثال: الحاكم الحكيم، والعدل الحَكَم، والفاطر الجليل، الذي ليس كمثله شئ. أراد - وإرادته نافذة - خلقَ شجرة الكائنات العظيمة، وايجاد قصر الكون البديع.. هذا العالم الأكبر.. فوضع أسس ذلك القصر وأصول تلك الشجرة في ستة أيام بدساتير حكمته المحيطة وقوانين علمه الأزلي. ثم صوّره وأحسن صوره بدساتير القضاء والقدر وفصّله تفصيلاً دقيقاً الى طبقات وفروع علوية وسفلية. ثم نظّم كل طائفة من المخلوقات وكل طبقة منها بدساتير العناية والإحسان. ثم زيّن كل شئٍ وكل عالم، بما يليق به من جمال - فزيّن السماء مثلاً بالنجوم وجمّل الأرض بالأزاهير ـ ثم نوّر ميادين تلك القوانين الكلية وآفاق تلك الدساتير العامة بتجليات أسمائه الحسنى، ثم أمدّ الذين يستغيثون به مما يلاقونه من مضايقات تلك القوانين الكلية فتَوجَّه اليهم باسم (الرحمن الرحيم)، أي أنه وضع في ثنايا قوانينه الكلية ودساتيره العامة من الاحسانات الخاصة والاغاثات الخاصة والتجليات الخاصة ما يمكّن كل شئ أن يتوجَّه اليه سبحانه في كل حين ويسأله كل ما يحتاجه. وفَتَح من كل منزل، ومن كل طبقة، ومن كل عالم، ومن كل طائفة، ومن كل فرد، ومن كل شئ نوافذ تتطلع اليه وتظهره، أي تُبين وجوده الحق ووحدانيته، فأودع في كل قلب هاتفاً يتصل به.
وبعد؛
فسوف لا نقحم أنفسنا فيما لا طاقة لنا به من بحث هذه النوافذ

لايوجد صوت