الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 908
(905-964)

بينما تتردد الأشياء بين الوجود والتشخص وتحار بين طرق الإمكانات والاحتمالات غير المتناهية، اذا بها تُمنح صورة مميزة لها، غايةً في الإنتظام والحكمة..
تأمل في العلامات الفارقة الموجودة في وجه كُلِّ إنسان، تلك العلامات التي تميّزه عن كل واحد من أبناء جنسه، وأمعن النظر فيما أودع فيه بحكمة بديعة من حَوَاسَّ ظاهرةٍ ومشاعر باطنة.. ألا يثبت ذلك أن هذا الوجه الصغير آية ساطعة للأحدية؟
فكما أن كل وجه يدل - بمئات الدلائل - على وجود صانعٍ حكيم، ويشهد على وحدانيته، فمجموع الأوجه ايضاً، وفي الأحياء كافة تبيّن للبصيرة النافذة أنها آية كبرى جليلة للخالق الواحد الأحد.
فيا أيها المنكر.. أتقدر أن تحيل هذه العلامات والاختام التي لا تقلد، أو أن تسند الآية الكبرى للاحد الصمد الساطعة في مجموعها.. الى غير بارئها المصور؟

النافذة الثالثة
إنَّ أنواع النبات، وطوائف الحيوان، المنتشرة على الارض هي أكثر من اربعمائة ألف نوع وطائفة(1)، وكأنها جيش هائل عظيم، فنرى ان كل نوع من هذا الجيش له رزقه المختلف عن الآخر وصورته المتباينة، وأسلحته المتنوعة وملابسه المتميزة، وتدريبه الخاص وتسريحه المتفاوت من الخدمة.. وتجري هذه كلها في نظام متقن، ووفق تقدير دقيق.
فإدارة هذا الجيش العظيم، وتربية افراده، دونما نسيان لأحد ولا التباس، لهي آية ساطعة كالشمس للواحد الأحد.
فمن ذا يستطيع أنْ يمدَّ يد المداخلة في هذه الادارة المعجزة من

(1) بل ان عدد افراد قسم من تلك الطوائف - خلال سنة واحدة - هو اكثر من عدد البشرية منذ آدم عليه السلام الى قيام الساعة. - المؤلف.

لايوجد صوت