الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 933
(905-964)

الحكيم. وما يُشَاهَدُ من عصفها وشدّةِ هبوبها، فلأسراعها في تنفيذ الأوامر الربانية وامتثالها لِحُكمها.
وانظر الآن الى الينابيع والجداول والأنهار، وتأمل في تفجرها من الأرض أو الجبال، تجد أنه لا مصادفة فيها ولا عبث قط. اذ تترتب عليها الفوائد والمصالح التي هي آثار رحمة إلهية واضحة، اما النتائج الحاصلة منها فهي موزونة محسوبة، وكذلك إدخارها وخزنها في الجبال إنما يجري ضمن حساب دقيق، ووفق حاجات الأحياء، ومن بعد ذلك تفجيرها وإرسالها بميزان هو الغاية في الحكمة.. كل ذلك دلالات وشواهد ناطقة ان ذلك التسخير والادخار إنما يتم من لدن ربّ حكيم.. وما نراه من شدة فورانها وتفجرها من الأرض إنما هو تَوقُها العظيم لأمتثال الأوامر الربانية حال صدورها.
وأنظر الآن الى أنواع الأحجار، وأشكال الصخور، ودقائق الجواهر، وصفات المعادن، تأمل في تزييناتها ومزاياها التي تترتب عليها منافع شتَّى، تجد أن ما يتعلق بها من فوائد حكيمة، ومن انسجام تام بين نتائجها التي تصير اليها، ومقتضيات الحياة، ومن ثمة ملاءمتها لمتطلبات الانسان، وقضاؤها لحاجاته وحاجات اخرى للأحياء.. كل ذلك دلالات على أن ذلك التزيين والتنظيم والتدبير والتصوير، إنما هو من لدن رب حكيم.
وأنظر الآن الى الأزهار والأثمار، تجد أن بِشْرَ وجوهها، وحلاوة مطعوماتها، وجمالها الأخاذ، ونقوشها البديعة، وشذى عطرها الطيب، كلها بمثابة دعاة وأدلاّء الى ضيافة الرب الكريم، والمنعم الرحيم. وهي رسائل تعريف به بين يدي موائده المنصوبة على الأرض كافَّة، فكل لون من الألوان المختلفة، وكل رائحة من الروائح المتنوعة، وكل طعم من الطعوم المتباينة، يدل على ذلك الخالق الكريم، ويعرّف ذلك المنعم الرحيم بلسانه الخاص.
وانظر الآن الى الطيور.. تجد أن هديلها وتغريدها وزقزقتها، ليس الاّ من إنطاق خالقٍ حكيم.. فمناجاة بعضها بعضاً، وما تسكبه في

لايوجد صوت