المحكم، وفي هذا الميزان الدقيق الذي يدل على (العدل) نقوشُ صنعةٍ دقيقة بديعة، وزينة فائقة تضم مذاقات متنوعة، وروائح مختلفة طيبة لطيفة، تدل على الرحمة والاحسان، وفي تلك المذاقات اللطيفة بذور ونوى هي بحد ذاتها معجزة من معجزات القدرة الإلهية، ألا يدل ذلك بوضوح، ويظهر بجلاء وجوب وجود خالق كريم ورحيم، محسن، منعم، مُجمِّل، مُفضِّلٍ، واحد، أحد، ويشهد كذلك على جمال رحمته سبحانه وكمال ربوبيته؟
فان استطعت ان تسمع هذا من لسان حال جميع الأشجار على سطح الأرض معاً، فستفهم، بل سترى؛ كم من الجواهر الجميلة النفيسة الرائعة في خزينة الآية الكريمة: ﴿يُسَبِّحُ لله مَا فىِ السّمواتِ وَالاَرضِ﴾(الحشر:24).
فيا أيها الغافل المسكين، ويا مَنْ يظن نفسَه هملاً دون حساب، ويا مَنْ يغرق في نكران الجميل والكفران!.
ان الكريم ذا الجمال يعرّف نفسه ويحبّبُها اليك بهذا الحشد من الألسنة التي لا تعد ولا تحصى، وإن اردت أن تصرف نفسك عن ذلك التعريف، فما عليك الاّ ان تكمم جميع هذه الأفواه، وتسكت تلك الألسنة كافة.
وأنّى لك هذا!!
فما دام اسكات تلك الألسنة الناطقة بالتوحيد غير ممكن، فما عليك إلاّ الاصغاء والانصات اليها. والاّ فلن تنجو بمجرد سد الأذن بأصابع الغفلة، لأن عملك هذا لا يسكت الكون. فالكون جميعاً، والموجودات كافة ناطقة بالتوحيد. فدلائل التوحيد وأصداؤه شواهد عدل لا تنقطع ولا تنتهي أبداً. فلا بد أنها ستُدينك.
النافذة العشرون (1)
(1) ان حقيقة النافذة العشرين هذه وردت الى القلب ذات يوم باللغة العربية كما يأتي:تلألؤُ الضياء من تنويرك، تشهيرك
تموجُ الأعصارِ من تصريفك، توظيفك ..سبحانك ما أعظمَ سلطانَك
تفجُّرُ الأنهارِ من تدخيرك، تسخيرك
تزيّنُ الأحجارِ من تدبيرك، تصويرك..سبحانك ما ابدعَ حكمتَك
تبسُّم الأزهارِ من تزيينك، تحسينك
تبرّجُ الأثمارِ من إنعامك، إكرامك.. سبحانك ما أحسنَ صنعتَك
تسجُّعُ الأطيارِ من إنطاقك، إرفاقك
تهزُّجُ الأمطارِ من إنزالك، إفضالك.. سبحانك ما أوسعَ رحمتَك
تحرُّك الأقمار، من تقديرك، تدبيرك، تدويرك، تنويرك.. سبحانك ما أنور برهانك و أبهر سلطانك.- المؤلف.