وقطرات الأمطار ليُعْلَمَ بها، ويُعَرّفَ عن طريقها كمال حكمته، وجمال رحمته.
ومثلما جعل سبحانه وتعالى كرة الأرض تتكلم بكلماتٍ ذات مغزى، وأنطَقَها بما بثَّ فيها من الحيوانات والنباتات التي هي كلمات بليغة، مبيّناً بذلك كمال صنعته للوجود.. كذلك جعل النباتات والأشجار نفسها تنطق بلسان أوراقها وأزهارها وثمارها، معلنةً كمال صنعته سبحانه، وجمال رحمته جلَّ جلاله.. وجعل الزهرة ايضاً، والثمرة كذلك وهي كلمة واحدة من تلك الكلمات.. جعلها البارئ المصور تتكلم بلسان بُذيراتها الدقيقة فأشار بها سبحانه الى دقائق صنعته، وكمال ربوبيته، لمن يُحسن الرؤية من ذوي الاحساس والشعور.
فدونك إنْ شئتَ الاستماع الى ما لا يحد من كلمات التسبيح والأذكار في الكون.
وسنستمع الآن الى ذلك النمط من الكلام متمثلاً في كلام زهرة واحدة من بين أزهار العالم، وسنصغي الى أفادة سنبلة واحدة من بين سنابل الأرض، لنزداد يقيناً كيف أن هذا كله يشهد شهادة صادقة على مصداقية التوحيد.
نعم، ان كل نبات وكل شجر، دليل واضح على صانعه، وشاهد صدق على وحدانية خالقه بمختلف الألسنة، بحيث أن تلك الشهادة تجعل المدقق المتمعن فيها في حيرة وذهول، فيقول: يا سبحان الله.. ما أجمل شهادة هذا على أحقية التوحيد!
نعم، انه واضح جلي كوضوح النبات نفسه، وجميل كذلك كجمال النبات نفسه، تلك التسبيحات التي يهمس بها كل نبات في إشراق تبسمه، عند تفتح زهره، ونضج ثمره، وتسنبل سنبله، لأنه بالثغر الباسم لكل زهرة، وباللسان الدقيق للسنبل المنتظم، وبكلمات البذور الموزونة، والحبوب المنسقة، يظهر (النظام) الذي يدل على (الحكمة)..