الأمور؟ أوَليس محالاً في ألف محال أن يسند واحد من هذه الأمور الى الطبيعة ناهيك عن جميعها؟!
أم انك تعتقد في الطبيعة الجامدة العاجزة امكان امتلاكها لمكائن معنوية في كل شئ؟ وبعدد الأشياء كلها؟ فيا للضلالة!
النافذة الثامنة عشرة
﴿اَوَلَم يَنْظُروُا في مَلكُوتِ السَّموَاتِ وَالاَرْضِ﴾(الاعراف: 185)
تأمل في هذا المثال الذي سبق وأن ذكرناه في الكلمة الثانية والعشرين:
إنَّ أثراً رائعاً كالقصر الفخم، كامل الاجزاء، منتظم الاركان، متقن البناء، يدل بالبداهة على فعلٍ مُتقَنٍ.أي أن البِنَاءَ يدُلُّ على صنعة البنَّاء وفِعله. والفعل الكامل المتقن يدل بالضرورة على فاعلٍ حاذقٍ، ومعماري ماهر. وهذه العناوين؛ فاعل حاذق معماري ماهر بَنَّاء مُتْقِنٌ، تدل بالبداهة على صفات كاملة لا نقص فيها يتصف بها ذلك الفاعل، أي تدل، على مَلَكة الإبداع عنده. وان الصفات الكاملة ومَلَكة الابداع الكاملة، تدل بالبداهة على وجود استعداد كامل وقابلية تامة، والاستعداد الكامل هذا يدل على ذات رفيعة، وروح عالية.
(ولله المثل الأعلى) فهذه الآثار المتجددة البادية للعيان والتي تملأ الأرض بل الكون، تدل بالبداهة على أفعال في منتهى الكمال. وان عناوين هذه الافعال الظاهرة من خلال منتهى الإتقان وغاية الحكمة تدل بالبداهة على فاعل كاملٍ منزّهٍ عن النقص في عنـاوينه وأسمائه. لأنَّ الأفعال المتقنة والحكيمة معلومٌ بداهةً أنها لا تحصل دونما فاعل. وان العناوين التي هي في منتهى الكمال تدل على صفات هي في منتهى الكمال لذلك الفاعل لأنه كما يُشتق اسم الفاعل من المصدر حسب علم الصرف، فان منشأ العناوين ومصادر الأسماء هي الصفات. والصفات التي هي في منتهى الكمال، لا شك أنها تدل على شؤون ذاتية هي في منتهى الكمال. والقابلية الذاتية او تلك الشؤون