الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 926
(905-964)

القدرة الإلهية؟ شاهد كمال الرحمة، من ثنايا كمال الأبداع.
وهكذا نشاهد على وجه الأرض جميعه؛ جودة ونفاسة في المصنوعات رغم وفرتها غير المتناهية.. ونرى ضمن هذه الوفرة تميزاً للموجودات رغم اختلاطها وتشابكها.. ونجد في هذا الإختلاط والتشابك اتفاقاً وتشابهاً في الموجودات رغم البعد فيما بينها.. ونبصر من ثنايا هذا التوافق جمالاً رائعاً في الموجودات ورعاية بالغة بها رغم السهولة المتناهية في ايجادها. ونلمح ضمن هذه الرعاية التامة تقديراً دقيقاً بلا اسراف وموازنة حسَّاسة رغم السرعة في ايجادها.. ونلاحظ ضمن هذا التقدير والموازنة وعدم الإسراف ابداعاً في الصنعة وروعة فيها رغم كثرتها المتناهية. ونشاهد ضمن هذه الروعة في الصنعة انتظاماً بديعاً رغم السخاء المطلق في إيجادها..
فإذا تأملنا في هذه الامور كلها، نراها تدل دلالة واضحة أوضح من دلالة النهار على الضياء، واسطع من دلالة الضياء على الشمس؛ على وجوب وجود قدير ذي جلال، وحكيم ذي كمال، ورحيم ذي جمال، وتشهد على وحدانيته، وأحديته وكمال قدرته وجمال ربوبيته، وتبين بجلاء سراً من اسرار الآية الكريمة: ﴿لَهُ الاَسْمَآءُ الْحُسْنى﴾.
وبعد؛ فيا أيها الغافل العنيد، ويا أيها الجاهل المسكين!
بماذا تفسر هذه الحقيقة العظمى التي تراها رأي العين؟ وبماذا توضح هذه الأوضاع الخارقة المعروضة أمامك؟ والى مَن تسند أمر هذه المصنوعات البديعة العجيبة؟ وبأي ستار من ستائر الغفلة يمكنك أن تستر هذه النافذة الواسعة سعة الأرض نفسها؟
أين المصادفة التي تعتقد بها والطبيعة التي تعتمد عليها وهي بلا شعور؟ بل أين أوهام الضلالة التي تستند اليها، وتلازمها وترافقها وتصادقها؟! أين جميعها أمام هذه الحقائق المحيرة والأحوال البديعة المذهلة؟
أليس محالاً في مائة محال أن تدخل المصادفة في أمثال هذه

لايوجد صوت