الذاتية التي نعجز عن التعبير عنها، تدل بحق اليقين على ذات منزهة في كمال مطلق.
وحيث ان كل أثر من الآثار البديعة الماثلة أمامنا في الكون وفي جميع المخلوقات هو كاملٌ بديع بحد ذاته.. وان هذا الاثر البديع يشهد على فعل.. والفعل يشهد على اسم. والاسم يشهد على صفة.. والصفة تشهد على شأن.. والشأن يشهد على ذات. لذا فانَّ كلاً منها مثلما يشهد شهادة صادقة على صانع جليل واحد أحد واجب الوجود، ويشير الى احديته.. أي مثلما أن هناك شهادات واشارات بعدد المخلوقات الى التوحيد، فإن كلاً منها ايضاً مع مجموع الآثار والمخلوقات في الكون إنما هو معراج عظيم لمعرفة الله سبحانه، له من القوة ما للمخلوقات جميعاً.. فضلاً عن أنه برهان دامغ على الحقيقة، لا يمكن ان تدنو منه أية شبهة مهما كانت..
والآن أيها الغافل الجاحد! بماذا تستطيع أن تجرح هذا البرهان القوي قوة الكون؟ وبماذا تستر هذه النافذة الواسعة التي تبين شعاعات الحقيقة من ألف نافذة ونافذة، بل من نوافذ بعدد المخلوقات؛ وبأي غطاء الغفلة يمكنك ان تسترها؟!
النافذة التاسعة عشرة
﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَواتُ السَّبْعُ وَالارضُ وَمَنْ فيهِنَّ
وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه﴾(الاسراء:44)
نعم، مثلما أودع الصانع الجليل حكماً لا تُعَدُّ، ومعاني ساميةً لا تحصى في الأجرام السماوية، فزيَّن تلك السماوات بكلمات الشموس والأقمار والنجوم لتعبّر عن جلاله وجماله سبحانه.. كذلك ركّب جلَّ وعلا في موجودات جو السماء حِكَماً عالية، وعلّق عليها معاني سامية، ومقاصد عظمى، وأنطق جو السماء بكلمات الرعود والبروق