الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 939
(905-964)

في سنة واحدة، دون أن يتبعثر ما عليها من معارض العجائب...؟!
ثم أمعن النظر فيما على الأرض من بديع الصنائع. وكيف ان العناصر كلها قد سُخِّرت لمهام حكيمةٍ، حتى تراها كأنها تنظر نظرةَ إجلال واحترام الى ضيوف القدير الحكيم، الجالسين حول مائدة الأرض، فتهرع الى خدمتهم جميعاً.
ثم أمعن النظر في ملامح الأرض وسيمائها، وفي مطرزات تعاريجها، ونقوش انحناءات سطحها، والتواءات جسمها، ولاحظ شكلها وألوانها الزاهية المتنوعة بتنوع تربتها، والتي تتسم بالحكمة والإبداع، وتثير الحيرة والإعجاب.. فدونك الأنهار والسواقي والبحار والجداول وسفوح الجبال، فانها كلها قد هُيئت ومُهدت لتكون سكناً للمخلوقات ووسائط نقلهم من مكان الى آخر.
ثم ألا ترى ان ملأها - يعني الأرض - بكمال الحكمة والنظام البديع بمئات الألوف من أجناس النباتات وأنواع الحيوانات وبعث الحياة البهيجة فيها. ثُمَّ إعفاءَها بالمـوت مـن وظـائـفها التـي كانت تـقوم بهـا.. هذه الـظـاهـرة تـتـوالى وتـترى بانتظام دقيق. حتَّى إذا اُفرِغَتِ الأرض منها بوشر مجدداً بملئها.. ألا يعني هذا ان (البعث بعد الموت) حق لا ريب فيه.
أوَ ليست كل هذه الظواهر شهادات صادقة ناطقة بمئات الآلاف من الألسنة على القدير ذي الجلال، الحكيم ذي الكمال، وعلى وحدانيته سبحانه؟!
والخلاصة: ان الأرض التي هي بمثابة قلب الكون، قد اصبحت مَشْهَرَاً لعجائب مصنوعات الله البديعة، ومحشراً لغرائب مخلوقاته الجميلة، وممراً لقافلة موجوداته الوفيرة، ومسجداً لعباده المتراصين صفوفاً عليها، ومقراً لأداء عباداتهم.. هذه الأرض تظهر من شعاع التوحيد ما يملأ الكون نوراً وضياءً.
فيا أيها المعتدّ بعلم الجغرافية! إذا كان رأس الأرض هذه يعرّف ربَّ العالمين بمائة ألف فم، وفي كل فم مائة ألف لسان، وأنت تعرض عن هذا التعريف، وتغمس رأسك في مستنقع الطبيعة، ففكر إذن في

لايوجد صوت