تقدر على ايجاد سبيل لكل هذا فهيا أرنيه، وهات ما لديك، ولك بعد ذلك ان تدعوني الى اللهو والطرب، وإلاّ فاسكت ايها الأبله، ليتكلم هذا الرجل السامي ــ الشبيه بالخضر ــ ليقول ما يروم.
فيا نفسي الباكية على ما ضحكتْ أيام شبابها. اعلمي! ان ذلك الجندي المسكين المتورط هــو أنــتِ، وهو الانســان.. وان ذلك الاســد هـو الأجـل.. وان اعواد المشنقة تلك هي الموت والزوال والفراق الذي تذوقه كل نفس.. ألاتَرَين كيف يفارقنا كل حبيب اِثر حبيب ويودعنا ليل نهار.. اما الجرحان العميقان، فأحدهما: العجز البشري المزعج الذي لا حدّ له. والآخر: هو الفقر الانساني المؤلم الذي لا نهاية له.. اما ذلك النفي والسفر المديد فهو رحلة الامتحان والابتلاء الطويلة لهذا الانسان، التي تنطلق من عالم الارواح مارةً من رحم الأم ومن الطفولة والصبا ثم من الشيخوخة ومن الدنيا ثم من القبر والبرزخ ومن الحشر والصراط.. واما الطلسمان فهما الايمان بالله وباليوم الآخر. نعم ان الموت بهذا الطلسم القدسي يلبس صورة فرس مسخّر بدلاً عن الاسد، بل يتخذ صورة بُراق يُخرج الانسان المؤمن من سجن الدنيا الى روضة الجنان، الى روضة الرحمن ذي الجلال. ومن هنا كان الكاملون من الناس يحبّون الموت ويطلبونه، حيث رأوا حقيقته. ثم ان سير الزمان ومروره على كل شئ ونفوذ الزوال والفراق والموت والوفاة فيه يتخذ بهذا الطلسم الايماني صورةً وضّاءة حيث تحفِـز الانسان الى رؤية الجِدَّة بتجدد كل شئ، بل يكون مبعث التأمل في الوان مختلفة متنوعة وانواع متباينة لمعجزات إبداع الخالق ذي الجلال وخوارق قدرته، وتجليات رحمته سبحانه ومشاهدتها باستمتاع وبهجة كاملين. بمثل ما يضفي تبدل المرايا العاكسة لألوان نور الشمس، وتغيّر الصور في شاشة السينما من جمال وروعة الى تكون المناظر الجذابة وتشكلها.
أما ذانك العلاجان.
فاحدهما: التوكل على الله والتحلي بالصبر، اي الاستناد الى قدرة الخالق الكريم والثقة بحكمته سبحانه.