الكلمات | الكلمة السابعة | 34
(31-36)

ـ أهو كذلك؟
نعم، ان من يعتمد بهوية (عجزه) على سلطان الكون الذي بيده أمر (كن فيكون) كيف يجزع ويضطرب؟ بل يثبت أمام أشد المصائب، واثقاً بالله ربه، مطمئن البال مرتاح القلب وهو يردد: ﴿إنّا لله وإنّا اليه راجعون﴾.
نعم، ان العارف بالله يتلذذ من عجزه وخوفه من الله سبحانه. وحقاً ان في الخوف لذة! فلو تمكنّا من الاستفسار من طفل له من العمر سنة واحدة، مفترضين فيه العقل والكلام: ما اطيـب حالاتك وألـذها؟ فربما يكـون جــوابه: هو عندما ألوذ بصدر أمي الحنون بخوفي ورجائي وعجزي.. علماً ان رحمة جميع الوالدات وحنانهن ما هي الاّ لمعةُ تجلٍ من تجليات الرحمة الإلهية الواسعة.
ومن هنا وجد الذين كَمُل ايمانُهم لذة تفوق اية لذة كانت في العجز ومخافة الله،حتى انهم تبرأوا الى الله براءة خالصة من حولهم وقوتهم ولاذوا بعجزهم اليه تعالى واستعاذوا به وحده، مقدِّمين هذا العجز والخوف وسيلتين وشفيعين لهم عند البارئ الجليل.
أما العلاج الآخر فهو: الدعاء والسؤال ثم القناعة بالعطاء، والشكر عليه والثقة برحمة الرزاق الرحيم.
ـ أهو هكذا؟
نعم! ان من كان ضيفاً لدى الذي فَرَش له وجه الارض مائدةً حافلة بالنعم، وجعل الربيع كأنه باقة انيقة من الورود ووضعها بجانب تلك المائدة العامرة بل نثرها عليها، ان مَن كان ضيفاً عند هذا الجواد الكريم جل وعلا كيف يكون الفقر والحاجة لديه مؤلماً وثقيلاً؟. بل يتخذ فقره وفاقته اليه سبحانه صورة مُشهٍّ لتناول النِعم. فيسعى الى الاستزادة من تلك الفاقة كمن يستزيد من شهيته. وهنا يكمن سبب افتخار الكاملين واعتزازهم بالفقر الى الله تعالى.. (واياك ان تظن خلاف ما نقصد بالفقر؛ انه استشعار الانسان بالفقر اليه سبحانه

لايوجد صوت