الحقيقة الثالثة
باب الحكمة والعدالة
وهو تجلي اسم (الحكيم والعادل)
أمن الممكن(1) لخالق ذي جلال أظهر سلطان ربوبيته بتدبير قانون الوجود ابتداء من الذرات وانتهاء بالمجرات، بغاية الحكمة والنظام وبمنتهى العدالة والميزان.. ان لا يعامل بالاحسان من احتموا بتلك الربوبية وانقادوا لتلك الحكمة والعدالة، وان لا يجازي اولئك الذين عصوا بكفرهم وطغيانهم تلك الحكمة والعدالة؟.
بينما الانسان لا يلقى ما يستحقه من الثواب أو العقاب في هذه الحياة الفانية على وجه يليق بتلك الحكمة وتلك العدالة الا نادراً، بل يؤخر، اذ يرحل اغلب أهل الضلالة دون ان يلقوا عقابهم، ويذهب اكثر اهل الهداية دون أن ينالوا ثوابهم.. فلابد ان تناط القضية بمحكمة عادلة، وبلقاءٍ آيل الى سعادة عظمى.
(1) ان عبارة (أمن الممكن؟) تتكرر كثيراً، فهي تفيد غاية مهمة وهي: ان الكفر والضلال يتولدان غالباً من الاستبعاد، أي يرى الانسان ما لا يعتقده بعيداً عن ميزان العقل، فيعدّه محالاً، ويبدأ بالانكار والكفر.. ولكن هذه الكلمة (الحشر) أوضحت بادلة قاطعة: ان الاستبعاد الحقيقي والمحال الحقيقي والبعد عن موازين العقل والصعوبة الحقة والمشكلات العويصة التي هي بدرجة الامتناع، انما هي في الكفر ومنهج اهل الضلال. وان الامكان الحقيقي، والمعقولية التامة والسهولة الجارية مجرى الوجوب، انما هي في طريق الايمان، وجادة الاسلام.
والخلاصة: ان الفلاسفة انما زلّوا الى الانكار نتيجة الاستبعاد. وهذه (الكلمة العاشرة) تبين بتلك العبارة: (أمن الممكن؟) أين يكمن الاستبعاد، وتوجّه ضربة على أفواههم. ــ المؤلف.