الانبياء والمرسلون(1) عليهم الصلاة والسلام - كما نص عليه الحديث - اخباراً بالاجماع والتواتر مستندين الى الشهود عند بعضهم والى حق اليقين عند آخرين، عن وجود الدار الآخرة، واعلانهم بالاجماع ان الناس سيساقون اليها، وان الخالق سبحانه وتعالى سيأتي بالدار الآخرة بلا ريب، مثلما وعد بذلك وعداً قاطعاً.
وان تصديق مائة واربعة وعشرين مليوناً من الأولياء كشفاً وشهوداً ما أخبر به هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، وشهادتهم على وجود الآخرة بعلم اليقين دليل قاطع وايّ دليل على وجود الآخرة..
وكذا، فان تجلّيات جميع الأسماء الحسنى لخالق الكون المتجلّية في ارجاء العالم كله، تقتضي بالبداهة وجود عالم آخر خالد، وتدل دلالة واضحة على وجود الآخرة.
وكذا القدرة الإلهية وحكمتها المطلقة، التي لا اسراف فيها ولا عبث، والتي تحيي جنائز الأشجار الميّتة وهياكلها المنتصبة، تحييها وهي لا تعد ولا تحصى على سطح الأرض في كل ربيع، وفي كل سنة، بأمر (كن فيكون) وتجعلها علامة على (البعث بعد الموت) فتحشر ثلائمائة ألف نوع من طوائف النباتات وأمم الحيوانات وتنشرها، مظهرةً بذلك مئات الالوف من نماذج الحشر والنشور ودلائل وجود الآخرة.
وكذا الرحمة الواسعة التي تديم حياة جميع ذوي الأرواح المحتاجة الى الرزق، وتعيّشها بكمال الرأفة عيشة خارقة للغاية. والعناية الدائمة التي تظهر انواع الزينة والمحاسن بما لا يُعدّ ولا يحصى، في فترة قصيرة جداً في كل ربيع. لا شك أنهما تستلزمان وجود الآخرة بداهة.
وكذا، عشق البقاء، والشوق الى الأبدية وآمال السرمدية المغروزة
(1) قال ابو ذر (قلت: يا رسول الله كم وفاء عدة الانبياء؟ قال ((مائة الف واربعة وعشرون الفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً)) رواه الامام احمد.(مشكاة المصابيح ت 5737) ــ المترجم.