الكلمات | الكلمة الثانية عشرة | 172
(169-178)

وهكذا يكشف أمام الانظار الجمالَ الحقيقي للكائنات.
أما ما يسمونه بعلم الحكمة وهي الفلسفة، فقد غرقت في تزيينات حروف الموجودات، وظلّت مبهوتة أمام علاقات بعضها ببعض، حتى ضلت عن الحقيقة. فبينما كان عليها أن تنظر الى كتاب الكون نظرتها الى الحروف - الدالة على كاتبها - فقد نظرت اليها بالمعنى الاسمي، أي أن الموجودات قائمة بذاتها، وبدأت تتحدث عنها علـى هـذه الصــورة فتـقول: ما أجمل هذا! بـدلاً من:ما أجمـل خـلـق هذا، سالبة بهذا القول الجمال الحقيقي للشئ. فأهانت باسنادها الجمال الى الشئ نفسه جميع الموجودات حتى جعلت الكائنات شاكية عليها يوم القيامة..
نعم! ان الفلسفة الملحدة انما هي سفسطة لا حقيقة لها وتحقير للكون واهانة له.
 الاساس الثاني:
للوصول الى مدى الفرق بين التربية الاخلاقية التي يربي بها القرآن الكريم تلاميذه، والدرس الذي تلقنه حكمة الفلسفة، نرى أن نضع تلميذيهما في الموازنة:
فالتلميذ المخلص للفلسفة (فرعون) ولكنه فرعون ذليل، اذ يعبد أخس شئ لأجل منفعته، ويتخذ كل ما ينفعه رباً له.
ثم أن ذلك التلميذ الجاحد (متمرد وعنود) ولكنه متمرد مسكين يرضى لنفسه منتهى الذل في سبيل الحصول على لذة، وهو عنود دنئ اذ يتذلل ويخنع لاشخاص هم كالشياطين، بل يقبّل أقدامهم!
ثم أن ذلك التلميذ الملحد (مغرور، جبار) ولكنه جبار عاجز لشعوره بمنتهى العجز في ذاته، حيث لا يجد في قلبه من يستند اليه.
ثم أن ذلك التلميذ (نفعي ومصلحي) لا يرى إلاّ ذاته. فغاية همته تلبية رغبات النفس والبطن والفرج، وهو (دسّاس مكّار) يتحرى عن مصالحه الشخصية ضمن مصالح الامة.
بينما تلميذ القرآن المخلص هو (عبد) ولكنه عبد عزيز لا يستذل

لايوجد صوت