الكلمات | الكلمة الثانية عشرة | 174
(169-178)

هذه الحكمة.
أما حكمة القرآن الكريم، فهي تقبل (الحق) نقطة استناد في الحياة الاجتماعية، بدلاً من (القوة).. وتجعل (رضى الله سبحانه) ونيل الفضائل هو الغاية، بدلاً من (المنفعة).. وتتخذ دستور (التعاون) أساساً في الحياة، بدلاً من دستور (الصراع) .. وتلتزم برابطة (الدين) والصنف(1) والوطن لربط فئات الجماعات بدلاً من العنصرية والقومية السلبية.. وتجعل غاياتها الحد من تجاوز النفس الامارة ودفع الروح الى معالي الامور، واشباع مشاعرها السامية لسوق الانسان نحو الكمال والمثل الانسانية.
ان شأن (الحق) هو (الاتفاق).. وشأن (الفضيلة) هو (التساند).. وشأن دستور (التعاون) هو (اغاثة كل للاخر).. وشأن (الدين) هو (الاخوة والتكاتف).. وشأن (إلجام النفس) وكبح جماحها وأطلاق الروح وحثها نحو الكمال هو (سعادة الدارين).
 الاساس الرابع:
اذا أردت أن تفهم كيف يسمو القرآن على سائر الكلمات الإلهية وتعرف مدى تفوّقه على جميع الكلام. فانظر وتأمل في هذين المثالين:
المثال الاول: أن للسطان نوعين من المكالمة، وطرازين من الخطاب والكلام:
الاول: مكالمة خاصة بوساطة هاتف خاص مع أحد رعاياه من العوام، في أمر جزئي يعود الى حاجة خاصة به.
والآخر: مكالمة باسم السلطنة العظمى، وبعنوان الخلافة الكبرى وبعزة الحاكمية العامة، بقصد نشر أوامره السلطانية في الآفاق، فهي مكالمة يجريها مع أحد مبعوثيه أو مع أحد كبار موظيفه.. فهي مكالمة بأمر عظيم يهم الجميع. 
(1) المقصود: الارتباط الموجود ضمن الصنف الواحد من الناس المنسجمين في الميول والأفكار والاذواق والطبائع كأرباب الحرف والمهن. ـ المترجم.

لايوجد صوت