الكلمات | الكلمة الثانية عشرة | 176
(169-178)

تلك الكلمات التي لا تحدها حدود، مردّه أن القرآن قد نزل من الاسم الاعظم ومن أعظم مرتبة من مراتب كل اسم من الاسماء الحسنى، فهو كلام الله، بوصفه رب العالمين، وهو أمره بوصفه إله الموجودات، وهو خطابُه بوصفه خالق السموات والارض، وهو مكالمةٌ سامية بصفة الربوبية المطلقة، وهو خطابُه الازلي باسم السلطنة الإلهية العظمى. وهو سجلُ الالتفات والتكريم الرحماني نابع من رحمته الواسعة المحيطة بكل شئ. وهو مجموعة رسائل ربانية تبين عظمة الالوهية، اذ في بدايات بعضها رموز وشفرات. وهو الكتاب المقدس الذي ينثر الحكمة.
ولأجل هذه الاسرار اُطلق على القرآن الكريم ما هو أهله ولائق به اسم (كلام الله).
أما سائر الكلمات الإلهية: فان قسماً منها كلام نابع باعتبار خاص، وبعنوان جزئي، وبتجل جزئي لاسم خصوصي، وبربوبية خاصة، وسلطان خاص، ورحمة خصوصية. فدرجات هذه الكلمات مختلفة متفاوتة من حيث الخاص والكلي، فأكثر الإلهامات من هذا القسم إلاّ أن درجاتها متفاوتة جداً.
فمثلاً: ان ابسطها واكثرها جزئية هي إلهام الحيوانات، ثم إلهام عوام الناس، ثم إلهام عوام الملائكة، ثم إلهام الاولياء، ثم إلهام كبار الملائكة.
ومن هذا السر نرى ان ولياً يقول: (حدّثنى قلبي عن ربي) أي: بهاتف قلبه. ومن دون وسـاطة مَلَك، فهو لا يقول: حدّثني رب العـالمـين. أو نراه يقـول: ان قلـبـي عـرشٌ ومرآة عاكسة لتجليات ربـي. ولا يقـول: عـرش رب العـالمين؛ لأنه يمـكن ان ينال حظاً من الخطاب الرباني وفق استعداداته وحسب درجة قابلياته وبنسبة رفع ما يقارب سبعين الف حجاب.
نعم! انه بمقدار علو كلام السلطان الصادر من حيث السلطنة وسموه على مكالمته الجزئية مع أحد رعاياه من العوام، وبمقدار ما

لايوجد صوت