الكلمات | الكلمة الثانية عشرة | 175
(169-178)

المثال الثاني: رجل يمسك مرآة تجاه الشمس، فالمرآة تلتقط - حسب سعتها - نوراً وضياء يحمل الالوان السبعة في الشمس. فيكون الرجل ذا علاقة مع الشمس بنسبة تلك المرآة، ويمكنه أن يستفيد منها فيما اذا وجهها الى غرفته المظلمة، أو الى مشتله الخاص الصغير المسقف، بيد أن استفادته من الضوء تنحصر بمقدار قابلية المرآة على ما تعكسه من نور الشمس وليست بمقدار عِظمَ الشمس.
بينما رجل آخر يترك المرآة، ويجابه الشمس مباشرة، ويشاهد هيبتها ويدرك عظمتها، ثم يصعد على جبل عال جداً وينظر الى شعشعة سلطانها الواسع المهيب ويقابلها بالذات دون حجاب ثم يرجع ويفتح من بيته الصغير ومن مشتله المسقف الخاص نوافذ واسعة نحو الشمس، واجداً سبلاً الى الشمس التي هي في أعالي السماء ثم يجري حواراً مع الضياء الدائم للشمس الحقيقية. فيناجي الشمس بلسان حاله ويحاورها بهذه المحاورة المكللة بالشكر والامتنان فيقول: (إيه يا شمس! يا من تربعت على عرش جمال العالم! يا لطيفة السماء وزهراءها! يا من أضفيت على الارض بهجة ونوراً، ومنحت الازهار ابتسامة وسروراً،فلقد منحت الدفء والنور معاً لبيتي ومشتلي الصغير كما وهبت للعالم أجمع الدفء والنور).
بينما صاحب المرآة السابق لا يستطيع أن يناجي الشمس ويحاورها بهذا الاسلوب، اذ إن آثار ضوء الشمس محددة بحدود المرآة وقيودها، وهي محصورة بحسب قابلية تلك المرآة واستيعابها للضوء.
وبعد.. فانظر من خلال منظار هذين المثالين الى القرآن الكريم لتشاهد اعجازه، وتدرك قدسيته وسموه.
أجل ان القرآن الكريم يقول:
﴿ولو أنّ ما في الارضِ مِن شجرةٍ أقلامٌ والبحُر يمدّه من بعدهِ سبعةُ أبحرٍ ما نفدتْ كلمات الله، ان الله عزيز حكيم﴾(لقمان:27) .
وهكذا فان منح القرآن الكريم اعلى مقام من بين الكلمات جميعاً،

لايوجد صوت