الماء. بمعنى انه أخل بكل ما في البستان أو سبّب في جفافه!
وعندها فان لجميع العاملين في البستان حق الشكوى من ذلك العامل المتقاعس عن العمل، فضلاً عن شكاوى ما ابدعه الرب الجليل والخالق الكريم وما هو تحت نظر شهوده العظيم، بل حتى للتراب والهواء والضياء حق الشكوى من ذلك العامل الكسلان، لما سبّب من بوار مهماتهم وعقم خدماتهم او اخلال بها في الأقل!
المثال الثاني:
سفينة عظيمة للسلطان. إن ترك فيها عاملٌ بسيط وظيفته الجزئية، فسيؤدي تركه هذا الى اخلال نتائج اعمال جميع العاملين في السفينة واهدارها. لأجل ذلك فان صاحب السفينة، وهو السلطان العظيم، سيهدد ذلك المقصّر تهديداً شديداً باسم جميع العاملين في السفينة. في حين لا يقدر ذلك المقصّر على القول: مَن انا حتى استحق كل هذا التهديد المروّع، وما عملي الاّ اهمال تافه جزئى!
ذلك لان عدماً واحداً يؤدي الى ما لا يتناهى من انواع العدم، بينما الوجود يثمر ثمرات حسب نوعه. لأن وجود الشئ يتوقف على وجود جميع الاسباب والشروط، بينما انعدام ذلك الشئ وانتفاؤه من حيث النتيجة انما هو بانتفاء شرط واحد فقط وبانعدام جزء منه.
ومن هنا غدا (التخريب أسهل من التعمير) دستوراً متعارفاً لدى الناس. ولما كانت اسس الكفر والضلال والطغيان والمعصية، انكاراً ورفضاً وتركاً للعمل وعدم قبول، فصورتها الظاهرية مهما بدت ايجابية وذات وجود، الاّ انها في حقيقتها انتفاء وعدم، لذا فهي جناية سارية.
فهذه الامور مثلما تخل بنتائج اعمال الموجودات كافة، فانها تسدل ستاراً أمام التجليات الجمالية للاسماء الحسنى وتحجبها عن الانظار.
وهكذا فالموجودات لها حق الشكوى بلا حدود، وان سلطانها الجليل يهدّد باسمها هذا الانسان العاصي ويزجره اشد الزجر. وهذا هو عين الحكمة، لأن ذلك العاصي يستحق بلا ريب ذلك التهديد الرهيب كما يستحق أنواعاً من الوعيد المرعب.