واكثرهم تألماً(1).
النقطة الثانية:
نوضح سراً من أسرار الآية الكريمة:﴿أحْسَنَ كُلَّ شيء خَلَقَهُ﴾(السجدة:8)
نعم، إنَّ كل شئ في الوجود، بل حتى ما يبدو أنه أقبح شئ، فيه جهة حُسنٍ حقيقية، فما من شئ في الكون، وما من حادث يقع فيه إلاّ وهو جميل بذاته، أو جميل بغيره، أي جميل بنتائجه التي يفضي اليها..
فهناك من الحوادث التي يبدو في ظاهر أمرها قبيحاً مضطرباً ومشوشاً، الاّ أنَّ تحت ذلك الستار الظاهري أنواعاً من جمال رائق، وأنماطاً من نظم دقيقة.
فتحت حجاب الطين والغبار والعواصف والأمطار الغزيرة في الربيع تختبئ ابتسامات الأزهار الزاهية بروعتها، وتحتجب رشاقة النباتات الهيفاء الساحرة الجميلة..
وفي ثنايا العواصف الخريفية المدمرة المكتسحة للأشجار والنباتات، والهازة للأوراق الخضراء من فوق الأفنان، حاملةً نذر البين، وعازفةً لحن الشجن والموت والأندثار، هناك بشارة الانطلاق من أسر العمل لملايين الحشرات الرقيقة الضعيفة التي تتفتح للحياة في أوان تفتح الأزهار، فتحافظ عليها من قَرّ الشتاء وضغوط طقسه، فضلاً عن أن أنواء الشتاء القاسية الحزينة تهئ الأرض استعداداً لمقدم الربيع بمواكبه الجميلة الرائعة.
نعم! إن هناك تفتحاً لأزهار معنوية كثيرة تختبئ تحت ستار عصف العواصف إذا عصفت وزلزلة الأرض إذا تزلزلت، وانتشار الأمراض والأوبئة إذا انتشرت.
(1) حقاً! انني في هذه المناظرة، اعجبت ايما اعجاب بإلزام سعيد الجديد نفسَه الى هذا الحد من الالزام فباركته وهنأته قائلاً: بارك الله فيك الف مرة.ــ المؤلف.