الكلمات | الكلمة الثامنة عشرة | 293
(290-296)

فبذور القابليات، ونوى الاستعدادات الكامنة - التي لم تستنبت بعدُ - تتسنبل وتتجمل نتيجة حوادث تبدو قبيحة في ظاهر شأنها، حتى كأن التقلبات العامة، والتحولات الكلية في الوجود إن هي الاّ امطارٌ معنوية تنزل على تلك البذور لتستنبتها.
بَيْدَ ان الأنسان المفتون بالمظاهر والمتشبث بها والذي لا ينظر الى الامور والأحداث الاّ من خلال أنانيته ومصلحته بالذات، تراه تتوجه أنظارُه الى ظاهر الامور، وتنحصر فيها، فيحكم عليها بالقبح!..
وحيث أنه يزن كل شئ بحسب نتائجه المتوجهة اليه فحسب تراه يحكم عليه بالشر! علماً أن الغاية من الأشياء إنْ كانت المتوجهة منها الى الانسان واحدةً، فالمتوجهة منها الى أسماء صانعها الجليل تعدُّ بالالوف. فمثلاً:
الاشجار والاعشاب ذات الاشواك التي تدمي يد الانسان الممتدة اليها يتضايق منها الانسان ويراها شيئاً ضاراً لا جدوى منه، بينما هي لتلك الاشجار والأعشاب في منتهى الأهمية حيث تحرسها وتحفظها مِمّنْ يريد مسَّها بسوء.
ومثلاً: انقضاض العقاب على العصافير والطيور الضعيفة يبدو منافياً للرحمة، والحال ان انكشاف قابليات تلك الطيور الضعيفة وتحفيزها للظهور لا يتحقق الاّ اذا أحسَّت بالخطر المحدق بها، وشعرت بقدرة الطيور الجارحة على التسلّط عليها..
ومثلاً: ان هطول الثلوج الذي يغمر الأشياء في فصل الشتاء ربما يثير بعض الضيق لدى الأنسان، لأنه يحرمه من لذة الدفء ومناظر الخضرة، بينما تختفي في قلب هذا الجليد غايات دافئة جداً ونتائج حلوة يعجز الانسان عن وصفها.
ثم ان الانسان من حيث نظره القاصر يحكم على كل شئ بوجهه المتوجه الى نفسه، لذا يظن أن كثيراً من الامور التي هي ضمن دائرة الآداب المحضة أنها مجافية لها، خارجة عنها... فالحديث عن عضو

لايوجد صوت