يهدى الله لنوره مَن يشاءُ ﴾(2) (النور:35)
ولما كان الكثيرون من الفضلاء قد انصرفوا الى هذا القسم، وبذلوا جهوداً كثيرة في توضيحه علماً ان القيام ببحثه يتطلب دقة متناهية ويستدعي بسطاً للموضوع اكثر من هذا وايضاحاً وافياً. فضلاً عن وجود أمثلة وفيرة عليه، لذا لا نفتح هذا الباب، ونكتفي بالآيات المذكورة.
اما القسم الاول الذي يشير الى تلك الاختراعات الشبيهة بالخوارق ضمن اشارات القرآن الى معجزات الانبياء.. سنذكر نماذج منه.
المقدمة:
يبيّن القرآن الكريم ان الانبياء عليهم السلام قد بُعثوا الى مجتمعات انسانية ليكونوا لهم ائمة الهدى يُقتدى بهم، في رقيهم المعنوي. ويبين في الوقت نفسه ان الله قد وضع بيد كلٍ منهم معجزة مادية، ونَصَبهم روّاداً للبشرية واساتذة لها في تقدمها المادي ايضاً. أي انه يأمر بالاقتداء بهم واتباعهم اتباعاً كاملاً في الامور المادية والمعنوية؛ اذ كما يحض القرآنُ الكريم الانسانَ على الاستزادة من نور الخصال الحميدة التي يتحلى بها الانبياء عليهم السلام، وذلك عند بحثه عن كمالاتهم المعنوية، فانه عند بحثه عن معجزاتهم المادية ايضاً يومئ الى إثارة شوق الانسان ليقوم بتقليد تلك المعجزات التي في ايديهم، ويشير الى حضّه على بلوغ نظائرها، بل يصح القول: ان يد المعجزة هي التي أهدت الى البشرية الكمال المادي وخوارقه لاول مرة، مثلما أهدت اليها الكمال المعنوي. فدونك سفينة نوح عليه السلام وهي احدى معجزاته، وساعة يوسف عليه السلام، وهي احدى معجزاته. فقد قدمتهما يدُ المعجزة لاول مرة هدية ثمينة الى البشرية. وهناك اشارة لطيفة الى هذه الحقيقة، وهي اتخاذ أغلب الصناع نبياً
(2) ان جملة ﴿يكاد زيتها يـضئ ولو لم تمسسه نار، نور على نور﴾ تضئ ذلك الرمز وتنوره. ــ المؤلف.