الكلمات | المقام الثاني | 330
(324-346)

الحضاري من هذا الجانب ومعدنه.
فهذه الآية تشير الى النعمة الإلهية العظمى في تليين الحديد كالعجين وتحويله اسلاكاً رفيعة واسالة النحاس، واللذان هما محور معظم الصناعات العامة، حيث وهبها الباري الجليل على صورة معجزة عظمى لرسول عظيم وخليفة للارض عظيم. فما دام سبحانه قد كرم مَن هو رسولٌ وخليفة معاً، فوهب للسانه الحكمة وفصل الخطاب، وسلّم الى يده الصنعة البارعة، وهو يحض البشرية على الاقتداء بما وهب للسانه حضاً صريحاً، فلابد ان هناك اشارة ترغّب وتحضّ على ما في يده من صنعة ومهارة.
فسبحانه يقول بالمعنى الاشاري لهذه الآية الكريمة:
يا بني آدم! لقد آتيت عبداً من عبادي اطاع اوامري وخضع لما كلفته به، آتيت لسانه فصل الخطاب، وملأتُ قلبه حكمةً ليفصل كل شئ على بينة ووضوح.
ووضعت في يده من الحقيقة الرائعة ما يكون الحديد كالشمع فيها، فيغيّر شكله كيفما يشاء، ويستمد منه قوة عظيمة لإرساء اركان خلافته وادامة دولته وحكمه. فما دام هذا الامر ممكناً وواقعاً فعلاً، وذا أهمية بالغة في حياتكم الاجتماعية فانتم يابني آدم إن اطعتم اوامري التكوينية تُوهَب لكم ايضاً تلك الحكمة والصنعة، فيمكنكم بمرور الزمن ان تقتربوا منهما وتبلغوهما.
وهكذا فان بلوغ البشرية أقصى امانيها في الصناعة، وكسبها القدرة الفائقة في مجال القوة المادية، انما هو بتليين الحديد وباذابة النحاس - القطرـ فهذه الآيات
الكريمة تستقطب انظار البشرية عامة الى هذه الحقيقة، وتلفت نظر السالفين وكسالى الحاضرين اليها، فتنبه اولئك الذين لا يقدرونها حق قدرها.
 ومثلاً: ﴿قالَ الذي عندهُ علمٌ ِمن الكتابِ أنا اتيكَ به قبلَ أن يرتدّ اليكَ

لايوجد صوت