الكلمات | المقام الثاني | 335
(324-346)

مريد خاشع لذكره. فأصبحت تلك الجبال تسبح بحمد الخالق العظيم جلّ جلاله بلسانه عليه السلام وبأمره. فما كان سيدنا داود يذكر ويسبّح إلاّ والجبال تردد ما يذكره.
نعم، ان القائد في الجيش يستطيع ان يجعل جنوده المنتشرين على الجبال يرددون: (الله اكبر) بما لديه من وسائل الاتصال والمخابرات، حتى كأن تلك الجبال هي التي تتكلم وتهلل وتكبر! فلئن كان قائداً من الانس يستطيع أن يستنطق (مجازياً) الجبال بلسان ساكنيها، فكيف بقائد مهيب لله سبحانه وتعالى؟ الا يستطيع أن يجعل تلك الجبال تنطق نطقاً (حقيقياً) وتسبح تسبيحاً حقيقياً؟. هذا فضلاً عن اننا قد بينا في (الكلمات) السابقة ان لكل جبل شخصية معنوية خاصة به، وله تسبيح خاص ملائم له، وله عبادة مخصوصة لائقة به. فمثلما يسبّح كل جبل برجع الصدى باصوات البشر، فان له تسبيحات للخالق الجليل بألسنته الخاصة.
وكذلك: ﴿والطيرَ محشورةً﴾ (ص:19).
﴿وعُلّمنا منطقَ الطير﴾ (النمل:16) هذه الآيات تبين ان الله سبحانه قد علّم سيدنا داود وسليمان عليهما السلام منطق انواع الطيور، ولغة قابلياتها واستعداداتها، أي: أيّ الاعمال تناسبها؟ وكيف يمكن الاستفادة منها؟
نعم! هذه الحقيقة هي الحقيقة الجليلة، إذ ما دام سطح الارض مائدة رحمانية اقيمت تكريماً للانسان، فيمكن اذاً ان تكون معظم الحيوانات والطيور التي تنتفع من هذه المائدة مسخّرة للانسان، ضمن تصرفه وتحت خدمته. فالانسان الذي استخدم النحل ودودة القز - تلكم الخَدَمة الصغار - وانتفع مما لديهم من إلهام إلهي، والذي استعمل الحمام الزاجل في بعض شؤونه وأعماله، واستنطق الببغاء وأمثاله من الطيور، فضمَّ الى الحضارة الانسانية محاسن جديدة، هذا الانسان يمكنه ان يستفيد اذاً كثيراً اذا ما عَلِم لسان الاستعداد الفطري للطيور، وقابليات الحيوانات الاخرى، حيث هي انواع وطوائف كثيرة جداً، كما استفاد من الحيوانات الأليفة. فمثلاً: اذا عَلِم الانسان لسان استعداد

لايوجد صوت