الكلمات | المقام الثاني | 339
(324-346)

انطلقوا وتقدموا، فالطريق مفتوح أمامكم.. واستمسكوا بكل اسم من اسمائي الحسنى، واعتصموا به، لتسموا وترتفعوا. واحذروا! فلقد أغوى الشيطان أباكم مرة واحدة، فهبط من الجنة - تلك المنزلة العالية - الى الارض موقتاً. فاياكم ان تتبعوا الشيطان في رقيكم وتقدمكم، فيكون ذريعة ترديكم من سموات الحكمة الإلهية الى ضلالة المادية الطبيعية.. ارفعوا رؤوسكم عالياً، وانعموا النظر والفكر في اسمائي الحسنى، واجعلوا علومكم ورقيكم سلماً ومراقي الى تلك السموات، لتبلغوا حقائق علومكم وكمالكم، وتصلوا الى منابعها الاصلية، تلك هي أسمائي الحسنى.
وانظروا بمنظار تلك الاسماء ببصيرة قلوبكم الى ربكم).
بيان نكتة مهمة وايضاح سر أهم
ان كل ما ناله الانسان - من حيث جامعية ما أودع الله فيه من استعدادات - من الكمال العلمي والتقدم الفني، ووصوله الى خوراق الصناعات والاكتشافات، تعبّر عنه الآية الكريمة بتعليم الاسماء: ﴿وعلم آدم الاسماء كلها﴾. وهذا التعبير ينطوي على رمزٍ رفيع ودقيق، وهو:
ان لكل كمال، ولكل علم، ولكل تقدم، ولكل فن - أياً كان - حقيقة سامية عالية. وتلك الحقيقة تستند الى اسم من الاسماء الحسنى، وباستنادها الى ذلك الاسم - الذي له حُجُب مختلفة، وتجليات متنوعة، ودوائر ظهور متباينة - يجد ذلك الفن وذلك الكمال وتلك الصنعة، كلٌ منها كمالَه، ويصبح حقيقةً فعلاً، وإلا فهو ظل ناقص مبتور باهت مشوش.
فالهندسة - مثلاً - علم من العلوم، وحقيقتُها وغاية منتهاها هي الوصول الى اسم (العدل والمقدِّر) من الاسماء الحسنى، وبلوغ مشاهدة التجليات الحكيمة لذلك الاسم بكل عظمتها وهيبتها في مرآة علم (الهندسة).

لايوجد صوت