الكلمات | المقام الثاني | 341
(324-346)

القمر وخفض الاصبع المبارك نفسه بجمال الله ففجر ماء كالكوثر.. وأمثالها من المعجزات الباهرات التي تزيد على الألف.. هذا الرسول الكريم أظهر القرآن الكريم معجزة كبرى تتحدى الجن والانس: ﴿قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً﴾ (الاسراء:88) فهذه الآية الكريمة وأمثالها من الآيات تجلب انظار الانس والجن الى ابرز وجوه الاعجاز في هذه المعجزة الخالدة واسطعها، فتلفتها الى ما في بيانه -الحقَ والحقيقةَ- من جزالة، والى ما في تعابيره من بلاغة فائقة، والى ما في معانيه من جامعية وشمول، والى ما في اساليبه المتنوعة من سمـو ورفعة وعــذوبة.. فتحدّى القرآن المعجز، وما زال كذلك يتحدى الانس والجن قاطبة، مثيراً الشوق في اوليائه، محركاًَ ساكن عناد اعدائه، دافعاً الجميع الى تقليده، بشوق عظيم وترغيب شديد، للاتيان بنظيره، بل انه سبحانه يضع هذه المعجزة الكبرى أمام انظار الانام في موقع رفيع لكأن الغاية الوحيدة من مجئ الانسان الى هذه الدنيا ليست سوى اتخاذه تلك المعجزة العظمى دستور حياته، وغاية مناه.
نخلص مما تقدم: ان كل معجزة من معجزات الانبياء عليهم السلام تشير الى خارقة من خوارق الصناعات البشرية. أما معجزة سيدنا آدم عليه السلام فهي تشير الى فهرس خوارق العلوم والفنون والكمالات، وتشوق اليها جميعاً مع اشارتها الى اسس الصنعة اشارة مجملة مختصرة.
أما المعجزة الكبرى للرسول الاعظم y وهي القرآن الكريم ذو البيان المعجر، فلأن حقيقة تعليم الاسماء تتجلى فيه بوضوح تام، وبتفصيل أتم، فانه يبين الاهداف الصائبة للعلوم الحقة وللفنون الحقيقية، ويُظهر بوضوح كمالات الدنيا والآخرة وسعادتهما، فيسوق البشر اليها ويوجهه نحوها، مثيراً فيه رغبة شديدة فيها، حتى انه يبين بأسلوب التشويق أن «أيها الانسان! المقصد الاسمى من خلق هذا الكون هو قيامك أنت بعبودية كلية تجاه تظاهر الربوبية، وان الغاية القصوى من خلقك انت هي بلوغ تلك العبودية بالعلوم والكمالات«.

لايوجد صوت