الكلمات | المقام الثاني | 343
(324-346)

دلالات مشوّقة باسلوب الاشارة الى أهم العلوم البشرية وصناعاتها.
جوابان مهمان عن سؤالين مهمين
 أحدهما:اذا قلت: لما كان القرآن الكريم قد نزل لأجل الانسان، فَلِمَ لا يصرّح بما هو المهم في نظره من خوارق المدنية الحاضرة؟ وانما يكتفي برمز مستتر، وايماء خفي، واشارة خفيفة، وتنبيه ضعيف فحسب؟
فالجواب: ان خوارق المدنية البشرية لا تستحق أكثر من هذا القدر، اذ إن الوظيفة الاساسية للقرآن الكريم هي تعليم شؤون دائرة الربوبية وكمالاتها ووظائف دائرة العبودية وأحوالها.
لذا فان حق تلك الخوارق البشرية وحصتها من تلك الدائرتين مجرد رمز ضعيف واشارة خفية ليس إلاّ.. فانها لو ادّعت حقوقها من دائرة الربوبية، فعندها لا تحصل إلاّ على حق ضئيل جداً.
فمثلاً: اذا طالبت الطائرة البشرية(1) القرآن الكريم قائلة:
(أعطني حقاً للكلام، وموقعاً بين آياتك). فان طائرات دائرة الربوبية تلك الكواكب السيّارة والارض والقمر، ستقول بلسان القرآن الكريم:
- (انكِ تستطيعين أن تأخذي مكانكِ هنا بمقدار جرمك لا أكثر).
واذا أرادت الغواصة البشرية موقعاً لنفسها بين الآيات الكريمة فستتصدى لها غواصات تلك الدائرة؛ التي هي الارض السابحة في محيط الهواء، والنجوم العائمة في بحر الأثير قائلة:
- (ان مكانك بيننا ضئيل جداً يكاد لا يُرى!).
واذا ارادت الكهرباء ان تدخل حرم الآيات بمصابيحها اللامعة أمثال النجوم، فان مصابيح تلك الدائرة التي هي الشموس والشهب

(1) لقد انساق القلم دون ارادتي في هذا الموضوع الجاد الى هذا الحوار اللطيف فتركته وشأنه، على أمل ألاّ يخل لطافة الاسلوب بجدية الموضوع. ــ المؤلف.

لايوجد صوت