عملها ، لذا يمنح مالك الملك ذو الجلال والاكرام ، تلك الحيوانات أجرة ومرّتباً ضمن أعمالها ، تُطمئن نفوسها وتشبعها
فمثلا: البلبل المعروف بعاشق الورود والأزهار(1)، يستخدم الفاطرُ الجليل ذلك الحيوان الصغير ويستعلمه في خمس غايات:
اولاها: انه مأمور ومكلّف - باسم القبائل الحيوانية - باعلان شدة العلاقة تجاه طوائف النباتات.
ثانيتها: انه موظف باعلان الفرح والسرور، والترحيب بالهدايا المرسلة من قبل الرزاق الكريم، حيث انه خطيب رباني يسأل بتغريده أرزاق الحيوانات - ضيوف الرحمن - المحتاجين الى الرزق.
ثالثتها: اظهار حسن الاستقبال على رؤوس النباتات جميعاً، تعبيراً عن ارسال النباتات امداداً لبني جنسه من الطير والحيوان.
رابعتها: بيان شدة حاجة الحيوانات الى النباتات التي تبلغ حدّ العشق تجاه الوجوه المليحة للنباتات واعلانها على رؤوس الاشهاد.
خامستها: تقديم ألطف تسبيحٍ الى ديوان رحمة مالك الملك ذي الجلال والاكرام في ألطف شوق ووجد، وفي ألطف وجه، وهو الورد.
وهكذا هناك معان أخرى شبيهة بهذه الغايات الخمس.
فهذه المعاني وهذه الغايات هي الغاية من عمل البلبل الذي يقوم به لأجل الحق سبحانه وتعالى. فالبلبل يغرّد بلغته ونحن نفهم هذه المعاني من نغماته الحزينة، مثلما يفهمها ايضاً الملائكة والروحانيات. وان عدم فهم البلبل لمعنى نغماته معرفة كاملة ليس حائلاً امام فهمنا نحن لذلك، ولا يقدح فيه، والمثل: (رُب مستمع أوعى من متكلم) مشهور.
ثم ان عدم معرفة البلبل لهذه الغايات بالتفصيل لا يدل على عدم وجودها، فهو في الأقل كالساعة التي تعرّفك أوقاتك وهي لا تعلم شيئاً
(1) لما كان البلبل يغرّد تغريداً شاعرياً فان بحثنا هذا قد انساب فيه شئ من روح الشاعرية، الاّ انه ليس بخيال بل حقيقة. - المؤلف.