الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 473
(436-486)

مما تعمل. فجهلُها لا يضر بمعرفتك.
اما مرتّب ذلك البلبل ومكافأته الجزئية فهي الذوق الذي يحصل عليه من مشاهدة تبسّم الأزهار الجميلة، والتلذذ الذي يحصل عليه من محاورتها.
أي ان نغماته الحزينة وأصواته الرقيقة ليست شكاوى نابعة من تألمات حيوانية، بل هي شكر وحمد وثناء تجاه العطايا الرحمانية.
وقس على البلبل؛ بلابل النحل والعنكبوت والنمل والهوام والحيوانات الصغيرة، فلكل منها غايات كثيرة في أعمالها، ُادرج فيها ذوق خاص، ولذة مخصوصة، كمرتّب وكمكافئة جزئية، فهي تخدم غايات جليلة لصنعة ربانية بذلك الذوق. فكما ان لعامل بسيط في سفينة السلطان مرتّبهُ الجزئي، كذلك لهذه الحيوانات التي تخدم الخدمات السبحانية مرتّبها الجزئي.
تتمة لبحث البلبل:
لا تحسبنّ ان هذه الوظيفة الربانية في الاعلان والدلالة والتغني بهزجات التسبيحات خاص بالعندليب. بل ان لكل نوع من أكثر انواع المخلوقات صنفاً شبيهاً بالعندليب، له فرد لطيف أو أفراد يمثلون ألطف مشاعر ذلك النوع ويتغنى بألطف التسبيحات بألطف السجعات، ولا سيما أنواع الهوام والحشرات، فبلابلها كثيرة، وعنادلها متنوعة جداً، تُمتّع جميع مَن له آذان صاغية اليهم بدءاً من أصغر حيوان الى أكبره، وتنثر على رؤوسهم تسبيحاتها بأجمل نغماتها.
وقسم من هذه البلابل ليلي، يكونون الأنيس المحبوب والقاصّ المؤنس في ذلك الليل الساكن والموجودات الصامتة، للحيوانات الصغيرة التي خلدت الى الهدوء، حتى كأن كلاً من تلك البلابل قطبٌ في حلقة ذكر خفي وسط ذلك المجلس الذي انسحب كل فرد فيه الى الهدوء والسكون ينصت الى نوع من ذكر الله وتسبيحه، بقلبه المطمئن الى الفاطر الجليل.

لايوجد صوت