الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 481
(436-486)

ففتح امام معدة الانسانية آفاق الملك والملكوت بمقدار ما يصل اليه العقل.
وبما وهب لك من الاسلام والايمان الذي هو (الانسانية الكبرى) والذي يطلب نعماً لا نهاية لها، ويتغذى على ثمار الرحمة التي لا تنفد، فتح لك مائدة النعمة والسعادة واللذة الشاملة للاسماء الحسنى، والصفات الربانية المقدسة، ضمن دائرة الممكنات. ثم أعطاك المحبة التي هي نور من أنوار الايمان، فأحسن اليك بمائدة نعمة وسعادة ولذة لا تنتهي أبداً.
بمعنى انك قد اصبحت - باحسانه سبحانه وتعالى - بحسب جسمك الصغير المحدود المقيد الذليل العاجز الضعيف من جزء الى كلّي، والى كلّ نوراني، اذ قد رفعك من الجزئية الى نوع من الكلية، بما أعطاك (الحياة)، ثم الى الكلية الحقيقية، بما وهب لك (الانسانية)، ثم الى الكلية النورانية السامية بما أحسن اليك (الايمان) ومنها رفعك الى النور المحيط الشامل بما أنعم عليك من (المعرفة والمحبة).
فيا نفس!
لقد قبضت مقدماً كل هذه الاجور والاثمان؛ ثم كلّفت بالعبودية وهي خدمة لذيذة وطاعـة طيبة بـل مريـحة خفيفة؛ أفبعد هذا تتكاسلين عن أداء هذه الخدمة العظيمة المـشرفة؟ وتـقولين بدلال: لِمَ لا يقبل دعـائي. حـتى اذا ما قمت بالخدمة بشكل مهلـهل تطالبين باجرة عظيمة اخرى، وكأنك لم تكتفي بالاجرة السابقة؟
نعم؛ انه ليس من حقك الدلال أبداً، وانما من واجبك التضرع والدعاء، فالله سبحانه وتعالى يمنحك الجنة والسعادة الابدية بمحض فضله وكرمه، لذا فالتجئى الى رحمته، واعتمدي عليها، ورددى هذا النداء العلوي الرباني:
﴿قل بفـضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون﴾(يونس:58)
واذا قلت: كيف يمكنني أن أقابل تلك النعم الكلية التي لا تحد بشكري المحدود الجزئي؟
فالجواب: بالنية الكلية، وبالاعتقاد الجازم الذي لا حدّ له.

لايوجد صوت