الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 494
(487-598)

23) واشتد عليهم بالتحدي ﴿فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار﴾(البقرة:24) أي: ستساقون الى جهنم وبئس المصير. فكان هذا يكسر غرورهم، ويستخف بعقولهم ويسفّه أحلامهم، ويقضي عليهم في الدنيا بالاعدام كما هو في الآخرة، أي: إما أن تأتوا بمثله أو أن ارواحكم واموالكم في خطر، ما دمتم مصرين على الكفر!
وهكذا فلو كانت المعارضة ممكنة فهل يمكن اختيار طريق الحرب والدمار، وهي أشد خطراً وأكثر مشقة. وبين أيديهم طريق سهلة هينة، تلك هي معارضته ببضعة أسطر تماثله، لإبطال دعواه وتحديه؟
أجل! هل يمكن لاولئك القوم الاذكياء الذين أداروا العالم بسياستهم وفطنتهم أن يتركوا أسهل طريق وأسلمها، ويختاروا الطريق الصعبة التي تلقي ارواحهم وأموالهم الى الهلاك؟
اذ لو كان باستطاعة بلغائهم أن يعارضوا القرآن ببضعة حروف، لتخلى القرآن عن دعواه، ولنجوا من الدمار المادي والمعنوي، والحال أنهم اختاروا طريق الحرب المريعة الطويلة. بمعنى أن المعارضة بالحروف محالة ولا يمكنهم ذلك بحال من الاحوال، لذا عمدوا الى المقارعة بالسيوف.
ثم أن هناك دافعين في غاية القوة لمعارضة القرآن واتيان مثيله وهما:
الاول: حرص الاعداء على معارضته.
الثاني: شغف الاصدقاء على تقليده.
ولقد ألفت تحت تأثير هذين الدافعين الشديدين ملايين الكتب بالعربية، من دون أن يكون كتاب واحد منها شبيهاً بالقرآن قط، اذ كل من يراها - سواءٌ أكان عالماً أو جاهلاً - لا بد أن يقول: القرآن لا يشبه هذه الكتب، ولايمكن أن يعارض واحد منها القرآن قطعاً. ولهذا فاما أن القرآن أدنى بلاغة من الكل، وهذا باطل محال باتفاق الاعداء والاصدقاء، وإما أن القرآن فوقها جميعاً، واسمى واعلى.
• فان قلت: كيف نعلم أن أحداً لم يحاول المعارضة؟ ألم يعتمد أحد

لايوجد صوت