قوله تعالى:﴿ولئن مسّتْهم نفحةٌ من عذابِ ربّك﴾(سورة الانبياء:46)
هذه الجملة مسوقة لإظهار هول العذاب، ولكن باظهار التأثير الشديد لأقله، ولهذا فان جميع هيئات الجملة التي تفيد التقليل تنظر الى هذا التقليل وتمده بالقوة كي يظهر الهول:
فلفظ (لئن) هو للتشكيك، والشك يوحي القلة.
ولفظ (مسَّ) هو اصابة قليلة، يفيد القلة أيضاً.
ولفظ (نفحة) مادته رائحة قليلة، فيفيد القلة، كما أن صيغته تدل على واحدة، أي واحدة صغيرة، كما في التعبير الصرفي - مصدر المرة - فيفيد القلة..
وتنوين التنكير في (نفحةٌ) هي لتقليلها، بمعنى أنها شئ صغير الى حد لا يُعلم، فيُنكر.
ولفظ (من) هو للتبعيض، بمعنى جزء، فيفيد القلة.
ولفظ (عذاب) هو نوع خفيف من الجزاء بالنسبة الى النكال والعقاب، فيشير الى القلة.
ولفظ (ربك) بدلاً من: القهار، الجبار، المنتقم، فيفيد القلة أيضاً وذلك باحساسه الشفقة والرحمة.
وهكذا تفيد الجملة أنه:
اذا كان العذاب شديداً ومؤثراً مع هذه القلة، فكيف يكون هول العقاب الإلهي؟ فتأمل في الجملة لترى كيف تتجاوب الهيئات الصغيرة، فيُعين كلٌ الآخر، فكلٌ يمد المقصد بجهته الخاصة.
هذا المثال الذي سقناه يلحظ اللفظ والمقصد.
المثال الثاني:
قوله تعالى: ﴿ومما رزقناهم يُنفقون﴾(البقرة: 3)
فهيئات هذه الجملة تشير الى خمسة شروط لقبول الصدقة:
الشرط الاول: المستفاد من (من) التبعيضية في لفظ (مما) أي: