الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 579
(487-598)

لامتدّت ايديهم الى عرش ربوبيته ولظهرت علائم المداخلة باختلال النظام، ولكن جميع المخلوقات من السموات السبع الطباق الى الأحياء المجهرية، جزئيها وكليّها، صغيرها وكبيرها، تسبّح بلسان ما يظهر عليها من تجليات الاسماء الحسنى ونقوشها، وتقدس مسمّى تلك الاسماء ذا الجلال والاكرام، وتنزّهه عن الشريك والنظير).
نعم، ان السماء تقدسه وتشهد على وحدته بكلماتهاالنيرة من شموس، ونجوم، وبحكمتها وانتظامها.. وان جو الهواء يسبّحه ويقدسه ويشهد على وحدانيته بصوت السحاب وكلمات الرعد والبرق والقطرات.. والارض تسبح خالقها الجليل وتوحدهّ بكلماتها الحية من حيوانات ونباتات وموجودات.. وكذا تسبحه وتشهد على وحدانيته كل شجرة من اشجارها بكلمات اوراقها وازاهيرها وثمراتها.. ول مخلوق صغير ومصنوع جزئي مع صغره وجزئيته يسبح باشارات ما يحمله من نقوش وكيفيات وما يظهره من أسماء حسنى كثيرة وتقدس مسمى تلك الاسماء ذا الجلال وتشهد على وحدانيته تعالى. وهكذا فالكون برمته معاً وبلسان واحد، يسبح خالقه الجليل متفقاً ويشهد على وحدانيته، مؤدياً بكمال الطاعة ما انيط به من وظائف العبودية. الاّ الانسان الذي هو خلاصة الكون ونتيجته وخليفته المكرم وثمرته اليانعة، يقــوم بخلاف جميع ما في الكون وبضده، فيكفر بالله ويشرك به. فكم هو قبيح صنيعه هذا؟ وكم ياترى يسـتحق عقـاباً على ما قدمت يداه؟ ولكن لئلا يقع الانسان في هاوية اليأس والقنوط تبين له الآية حكمةَ عدم هدم القهار الجليل الكونَ على رأسه بما يجترحه من سيئات شنيعة كهذه الجناية العظمى، وتقول ﴿انه كان حليماً غفوراً﴾ مبينة حكمة الامهال وفتح باب الأمل بهذه الخاتمة.
فافهم من هذه الاشارات العشر الاعجازية، ان في الخلاصات والفذلكات التي في ختام الآيات لمعات اعجازية كثيرة فضلاً عما تترشح منها من رشحات الهداية الغزيرة، حتى بلغ بدهاة البلغاء أنهم لم يتمالكوا انفسهم من الحيرة والاعجاب امام هذه الاساليب البديعة فقالوا: ما هذا كلام البشر، وآمنوا بحق اليقين بقوله تعالى:

لايوجد صوت