الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 581
(487-598)

نعم! اين امر أمير عظيم مطاع نافذ الكلام يأمر جنوده بـ : تقدّم، واين هذا الأمر اذا صدر من جندي بسيط لا يُبالى به؟ فهذان الأمران وان كانا صورة واحدة إلاّ أن بينهما معنىً بوناً شاسعاً،كما بين القائد العام والجندي.
ومثلاً : ﴿انما امره اذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون﴾ (يس:82) و ﴿واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم﴾(البقرة:34) انظر الى قوة وعلو الامرين في هاتين الآيتين. ثم انظر الى كلام البشر من قبيل الأمر. ألا تكون النسبة بينهما كضوء اليراع أمام نور الشمس الساطعة؟.
نعم! اين تصوير عامل يمارس عمله، وبيان صانع وهو يصنع، وكلام مُحسن في آن احسانه، كلٌ يصور أفاعيله، ويطابق فعله قوله، أي يقول: انظروا فقد فعلت كذا لكذا، افعل هذا لذاك، وهذا يكون كذا وذاك كذا... وهكذا يبين فعلَه للعين والاذن معاً، فمثلاً :
﴿أفلم ينظروا الى السماءِ فوقَهم كيف بنيناها وزيّناها ومالَها من فروج والارضَ مددناها وألقينا فيها رواسيَ وانبتنا فيها من كل زوج بهيج  تَبصرةً وذكرى لكل عبدٍ منيب ونزّلنا من السماء ماءً مباركاً فانبتنا به جناتٍ وحبّ الحصيد  والنخلَ باسقاتٍ لها طلعٌ نـضيد رزقاً للعباد وأحيينا به بلدةً ميتاً كذلك الخروج﴾(ق:6ــ11).
اين هذا التصوير الذي يتلألأ كالنجم في برج هذه السورة في سماء القرآن؛ كأنه ثمار الجنة. - وقد ذكر كثيراً من الدلائل ضمن هذه الافعال مع انتظام البلاغة واثبت الحشر الذي هو نتيجتها بتعبير ﴿كذلك الخروج﴾ ليلزم به الذين ينكرون الحشر في مستهل السورة - فأين هذا واين كلام الناس على وجه الفضول عن افعال لا تمسهم إلاّ قليلاً؟ فلا تكون نسبته اليه إلاّ كنسبة صورة الزهرة الى الزهرة الحقيقية التي تنبض بالحياة.
ان بيان معنى هذه الآيات من قوله تعالى ﴿أفلم ينظروا﴾ الى

لايوجد صوت