الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 576
(487-598)

واذا كان الضمير راجعاً الى الله سبحانه وتعالى، فالمعنى يكون عندئذٍ هكذا:
إنه سبحانه وتعالى دعا عبدَه الى حضوره والمثول بين يديه لينيط به مهمةً ويكلّفه بوظيفة؛ فاسرى به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي هو مجمع الانبياء. وبعد اجراء اللقاء معهم واظهاره بأنه الوارث المطلق لأصول أديان جميع الأنبياء، سَيَّره في جولةٍ ضمن مُلكه وسياحةٍ ضمن ملكوته، حتى أبلغه سدرة المنتهى فكان قاب قوسين أو أدنى.
وهكذا فان تلك السياحة أو السير، وإن كانت معراجاً جزئياً وأن الذي عُرج به عبدٌ، إلاّ ان هذا العبد يحمل امانة عظيمة تتعلق بجميع الكائنات، ومعه نور مبين ينير الكائنات ويبدل من ملامحها ويصبغها بصبغته. فضلاً عن أن لديه مفتاحاً يستطيع ان يفتح به باب السعادة الأبدية والنعيم المقيم.
فلأجل كل هذا يصف الله سبحانه وتعالى نفسَه بــ﴿إنه هو السميعُ البصير﴾ كي يُظهِر ان في تلك الأمانة وفي ذلك النور وفي ذلك المفتاح، من الحِكم السامية ما يشمل عموم الكائنات، ويعم جميع المخلوقات، ويحيط بالكون اجمع.
ومثل آخر:
﴿الحمد للّه فاطرِ السموات والارض جاعلِ الملئكةِ رسلاً اولي اجنحةٍ مثنى وثلثَ ورباعَ يزيدُ في الخلقِ ما يشاءُ ان الله على كل شئٍ قدير﴾ (فاطر:1).
ففي هذه السورة يقول تعالى: ان فاطر السموات والارض ذا الجلال قد زيّن السموات والارض وبيّن آثار كماله على ما لا يعد من المشاهدين وجعلهم يرفعون اليه ما لا نهاية له من الحمد والثناء. وانه تعالى زيّن الارض والسماء بما لا يحد من النعم والآلاء فتحمد

بنظر العبرة في مخلوقاتي فيعتبر، أو البصير بالآيات التي أريناه اياها)). وانظر ايضاً تفسير اسماعيل القنوي على البيضاوي ج 4/224.ــ المترجم

لايوجد صوت