الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 573
(487-598)

الربانية الهائلة باسلوب يجعل القلب أسير دهشة هائلة يضيق العقل دونها ويبقى في حيرة. ولكن الانسان ما أن يرى نظائرها في الخريف والربيع إلاّ ويقبلها بكل سهولة ويسر. ولما كان تفسير السور الثلاث هذه يطول، لذا سنأخذ كلمة واحدة نموذجاً، فمثلاً:
﴿واذا الصحف نشرت﴾ تفيد هذه الآية: (ستنشر في الحشر جميع اعمال الفرد مكتوبة على صحيفة). وحيث ان هذه المسألة عجيبة بذاتها فلا يرى العقل اليها سبيلاً، إلاّ أن السورة كما تشير الى الحشر الربيعي وكما ان للنقاط الاخرى نظائرها وأمثلتها كذلك نظير نشر الصحف ومثالها واضح جلي فلكل ثمر ولكل عشب ولكل شجر، أعمال وله أفعال، وله وظائف. وله عبودية وتسبيحات بالشكل الذي تظهر به الاسماء الإلهية الحسنى، فجميع هذه الاعمال مندرجة مع تاريخ حياته في بذوره ونواه كلها. وستظهر جميعها في ربيع آخر ومكان آخر. أي انه كما يذكر بفصاحة بالغة أعمال أمهاته وأصوله بالصورة والشكل الظاهر، فانه ينشر كذلك صحائف أعماله بنشر الاغصان وتفتح الاوراق والاثمار.
نعم إن الذي يفعل هذا أمام أعيننا بكل حكمة وحفظ وتدبير وتربية ولطف هو الذي يقول ﴿واذا الصحف نشرت﴾.
وهكذا قس النقاط الاخرى على هذا المنوال. وان كانت لديك قوة استنباط فاستنبط. ولاجل مساعدتك ومعاونتك سنذكر ﴿اذا الشمس كوّرت﴾ ايضاً. فان لفظ (كوّرت) الذي يرد في هذا الكلام هو بمعنى: لُفّت وجمعت، فهو مثال رائع ساطع فوق أنه يومئ الى نظيره ومثيله في الدنيا:
اولا: ان الله سبحانه وتعالى قد رفع ستائر العدم والاثير والسماء، عن جوهرة الشمس التي تضئ الدنيا كالمصباح، فأخرجها من خزينة رحمته واظهرها الى الدنيا. وسيلفّ تلك الجوهرة بأغلفتها عندما تنتهي هذه الدنيا وتنسد أبوابها.
ثانياً: ان الشمس موظفة ومأمورة بنشر غلالات الضوء في

لايوجد صوت