الامارة بالسوء والافتخار بالفضائل التي اُنعمت عليها والاغترار بها واسنادها الى الجزء الاختياري.
اجل! ان العوام الذين لم يبلغوا مرتبة ادراك سر القدر لهم مواضع لاستعماله، ولكن هذه المواضع تنحصر في الماضيات من الامور وبخصوص المصائب والبلايا والذي هو علاج اليأس والحزن، وليس في امور المعاصي أو في المقبلات من الايام، والذي ينتفي كونه مساعداً على اقتراف الذنوب والتهاون في التكاليف.
بمعنى ان مسألة القدر ليست للفرار من التكليف والمسؤولية، بل هو لإنقاذ الانسان من الفخر والغرور، ولهذا دخلت ضمن مسائل الايمان.
أما الجزء الاختياري، فقد دخل ضمن مباحث العقيدة ليكون مرجعاً للسيئات، لا ليكون مصدراً للمحاسن والفضائل التي تسوق الى الطغيان والتفرعن.
نعم! ان القرآن الكريم يبين ان الانسان مسؤول عن سيئاته مسؤولية كاملة. لأن الانسان هو الذي اراد السيئات. ولما كانت السيئات من قبيل التخريبات، لذا يستطيع الانسان ان يوقع دماراً هائلاً بسيئة واحدة، كإحراق بيت كامل بعود ثقاب، وبذلك يستحق انزال عقاب عظيم به.
أما في الحسنات، فليس له الحق في الفخر والمباهاة، لأن حصته فيها ضئيلة جداً، لأن الرحمة الإلهية هي التي ارادت الحسنات، واقتضتها. والقدرة الربانية هي التي اوجدتها، فالسؤال والجواب والسبب والداعي كلاهما من الحق سبحانه وتعالى. ولا يكون الانسان مالكاً لهذه الحسنات وصاحباً لها الاّ بالدعاء والتضرع، وبالايمان، وبالشعور بالرضى عنها. بينما الذي اراد السيئات هو النفس الانسانية، إما بالاستعداد او بالاختيار، مثلما تكتسب بعض المواد التعفن والاسوداد من ضياء الشمس الجميل اللامع، فذلك الاسوداد انما يعود الى استعداد تلك المادة، ولكن الذي يوجد تلك السيئات بقانون إلهي متضمن لمصالح كثيرة انما هو الله سبحانه ايضاً. اي أن