الكلمات | الكلمة السادسة والعشرون | 635
(628-646)

السادس (1): ان الميلان الذي هو اس اساس الجزء الاختياري، أمر اعتباري عند الماتريدية، فيمكن أن يكون بيد العبد، ولكن الميلان أمر موجود لدى الاشعريين، فليس هو بيد العبد، الاّ ان التصرف عندهم أمر اعتباري بيد العبد. ولهذا فذلك الميلان وذلك التصرف فيه، امران نسبيان، ليس لهما وجود خارجي محقق. أما الامر الاعتباري فلا يحتاج ثبوته ووجوده الى علة تامة والتي تستلزم الضرورة الموجبة لرفع الاختيار، بل اذا اتخذت علة ذلك الامر الاعتباري وضعاً بدرجة من الرجحان، فانه يمكن ان يثبت،ويمكن ان يتركه في تلك اللحظة، فيقول له القرآن آنئذٍ: هذا شر! لا تفعل.
نعم! لو كان العبد خالقاً لأفعاله وقادراً على الايجاد، لَرُفع الاختيار؛ لأن القاعدة المقررة في علم الاصول والحكمة أنه (ما لم يجب لم يوجد) اي لا ياتي الى الوجود شئ مالم يكن وجوده واجباً، اي لابد من وجود علة تامة ثم يوجد. أما العلة التامة فيقتضي المعلول بالضرورة وبالوجوب. وعندها لا اختيار.
 اذا قلت:
الترجيح بلا مرجّحٍ محال، بينما كسب الانسان الذي تسمونه امراً اعتبارياً، بالعمل احياناً وبعدمه اخرى، يلزم الترجيح بلا مرجّح ان لم يوجد مرجّح موجِب، وهذا يهدم اعظم اصل من اصول الكلام!
الجواب: ان الترجّح بلا مرجّح محال - اي الرجحان بلا سبب ولا مرجّح - دون الترجيح بلا مرجّح الذي يجوز وهو واقع، فالارادة الإلهية صفة من صفاته تعالى وشأنها القيام بمثل هذا العمل (اي اختياره تعالى هو المرجّح).
 اذا قلت:
ما دام الذي خلق القتل هو الله سبحانه وتعالى، فلماذا يقال لي: القاتل؟ 
(1) حقيقة خاصة للعلماء المدققين غاية التدقيق. - المؤلف.

لايوجد صوت