الكلمات | الكلمة الثامنة والعشرون | 680
(678-687)

الاختلاف فيما بينها، ولَما كانت تستطيع ان تحس وتميز بعضها عن بعض.
وكذا فان أجـهزة معرفة أغلب الأسماء الإلهية المتجلية، والشعور بها وتذوقـها وادراكها، انما هي في الجسمانية.
وكذا فان الاستعدادات والقابليات القادرة على الشعور والاحساس بلذائذ لا منتهى لها، وبانواع لا حدود لها، انما هي في الجسمانية.
يفهم من هذا فهماً قاطعاً - كما اثبتناه في الكلمة الحادية عشرة - ان صانع هذه الكائنات، قد أراد ان يعرّف بهذه الكائنات جميعَ خزائن رحمته، ويعلّم بها جميع تجليات اسمائه الحسنى، ويذيق بها جميع أنواع نِعَمه وآلائه، وذلك من خلال مجرى حوادث هذه الكائنات وانماط التصرف فيها، ومن خلال جامعية استعـدادات الانسان.. فلابد اذن من حوض عظيم يصبّ فيه سيل الكائنات العظيـم هذا.. ولابد من معرض عظيم يعرض فيه ما صُنع في مصنع الكائنات هذا.. ولابد من مخزن أبدي تخزن فيه محاصيل مزرعة الدنيا هذه .. أي لابـد من دار سعادة تشبه هذه الكائنات الى حدٍ ما، وتحافظ على جميع أسسها الجسمانية والروحانية.. ولابد أن ذلك الصانع الحكيم والعـادل الرحيم، قد خص لذائذ تليق بتلك الآلات الجسمانية أجرة لوظائفها، ومثوبة لخدماتها، واجـراً لعباداتها الخاصة. والاّ - أي بخلاف هذا - تحصل حالة منافـية تماماً لحكمته سبحانه وعدالته ورحمته، مما لا ينسجم ولا يليق بجمال رحمته وكمال عدالته مطلقاً. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
سؤال: أن أجزاء الكائن الحي في تركيب وتحلّل دائمين، وهي معرّضة للانقراض ولا تنال صفة الأبدية، وان الأكل والشرب لبقاء الشخص نفسه ومعاشرة الزوجة لبقاء النوع، فصارت - هذه الأمور - أموراً أساسية في هذا العالم، اما في العالم الأبدي والأخروي فلا حاجة اليها، فلِمَ اذن درجت ضمن لذائذ الجنة العظيمة؟
الجواب: أولاً: ان تعرض جسم حي للانقراض والموت في هذا العالم، ناجم من اختلال موازنة الواردات والصرفيات (أي بين ما يرد وما يستهلك) فالواردات كثيرة منذ الطفولة الى سن الكمال، وبعد ذلك يزداد الاستهلاك، فـتضيع الموازنة، ويموت الكائن الحي..

لايوجد صوت